مسؤولون سعوديون: رسم بدهائه السياسي مسار الدبلوماسية السعودية
قال لـ"الاقتصادية" الدكتور خضر القرشي رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشورى، إن وفاة سعود الفيصل تعد فاجعة للأمتين العربية واﻹسلامية، ويعد مصابنا جللا في فقيد الأمة.
وأضاف الدكتور القرشي أن وفاة الفيصل ليلة اﻷمس تعزينا في فقده بأنها ليلة من ليالي العشر الأخيرة من الشهر الفضيل وليلة جمعة، وتعد من الليالي الوتر, ونسأل الله أن يتقبل الرمز سعود الفيصل بواسع رحمته.
وزاد الدكتور القرشي، "سعود الفيصل كان إذا حضر في أي محفل ومع أي وزير أو رئيس دولة مهما كان على يقين تام بأن حق المملكة العربية السعودية لن يهضم وستكون مهابة من الجميع، فلا يوجد أي وزير أو شخصية في العالم بأسره تستطيع التقدم على سعود الفيصل أو تمرير أي أمر كان، وتمكن من وضع بصمة واضحه للمملكة بين مصاف الدول العظمى".
وبين القرشي أن الفيصل بذل صحته وجهده منذ نعومة أظفاره في خدمة الوطن، وكان رجلا للمهام الصعبة ولم يتوان في خدمة الوطن والأمتين العربية واﻹسلامية بالرغم من الأمراض التي صادفته وبالرغم من تدهور حالته الصحية مرارا.
وأكد القرشي أن الفيصل رفع رأس الشعب السعودي في المحافل الخارجية وهو فعلا القوي الأمين، ودائما ما يكون رد الفيصل مجلجلا في سماءات العالم وفضائياته، وعلى حد علمي أن الفيصل هو أول رجل يعتذر من منصبه، ثم يطلب منه البقاء مشرفا على عمله ووزارته، وهذا الأمر يدل على الخبرة الطويلة والمخزون السياسي والمعرفي الذي يمتلكه الفيصل نظير ذكائه ودهائه والسنوات الطويلة التي قضاها في وزارة الخارجية تشرب خلالها خبايا السياسة واستفاد من تجاربه وتجارب من قبله.
وأوضح الدكتور القرشي أن المملكة ليست من دول مجلس الأمن وليست من الدول العظمى ولكن سعود الفيصل فرض المملكة على العالم بأسره وفرض احترامها على الجميع وبكل تأكيد أن فقدنا لسعود الفيصل هو فقد عظيم ويصعب تعويضه.
قال الدكتور علي التواتي، الخبير الاستراتيجي في شؤون الشرق الأوسط، إن الأمير سعود الفيصل قاد العلاقات الدولية للبلاد منذ أكثر من 40 عاما، بأسلوب يعتمد على السلامة الوطنية، وتجنيب البلاد خوض الحروب قدر المستطاع وعند خوضها يمثل الأمير سعود موقف المملكة الحاسم بين المجتمعات الدولية وبما يخدم أغراض المملكة السياسية.
لافتا إلى أن تجنب الأمير سعود، رحمه الله، للحلول الراديكالية وميله للحلول الدبلوماسية بعيدا عن التصريحات الرنانة ذات السياسات الاستعراضية، مكنته من تأدية عمله على أكمل وجه وبصمت وبمنزلة فريدة يشهد لها القاصي والداني، لافتا إلى أن الدولة مرت بأزمات إقليمية خلال توليه دفة وزارة الخارجية، مثل حربي الخليج الأولى والثانية، واجتياح العراق، وفي كل هذه الأزمات نجح الأمير سعود الفيصل في تشكيل حشد داعم لموقف المملكة ولم يتم تشكيله في أي وقت في العالم، وكان يميل دائما للحلول السلمية، إذ كان يؤمن أن البلد المستقر الآمن قادر على الاستمرار والتنمية، وكفانا مصاعب ومصائب السياسة بحكم تمرسه وثقافته العالية وتعليمه الرفيع.
واستطرد التواتي في ذكر مناقب الأمير سعود الفيصل، إذ عرف عنه أنه عراب للسياسة الخارجية، وكانت آخر تصريحاته، “إننا لسنا دعاة حرب لكن إن قرعت فنحن لها”، وهو ما يلخص كل مسيرته الدبلوماسية، وهي الميل للسلم دون ضعف أو تهاون.
من جانبه قال الدكتور بكري عساس مدير جامعة أم القرى، “إن ما قدمه، رحمه الله، قائد وعميد الدبلوماسية العربية بعد حياة حافلة مليئة بالإخلاص والعطاء والعمل المتواصل والمواقف المشرفة في خدمة قضايا الأمتين العربية والإسلامية من أعمال، وما بذله من صحته وكل ما يستطيع لأجل وطنه وأمته، وما سطره بفكره ودهائه وعبقريته طوال الأربعين عاما على رأس الدبلوماسية السعودية، ستظل خالدة في ذاكرة التاريخ وعقول الأجيال السابقة والمقبلة، وستكون أجندة تدرس لكل من يعمل في السلك الدبلوماسي، نظرا لما كان يتمتع به، رحمه الله، من خبرة واسعة في التعامل مع كل قضايا وملفات المنطقة، وما اكتسبه من التمرس الطويل نجاحا وفطنة في العمل الدبلوماسي، الذي أهلته إلى التعامل مع جميع الأحداث في الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي والدولي بحكمة وهدوء وصبر ودبلوماسية منقطعة النظير.