إمام المسجد النبوي: من جاء للحج ليؤذي المسلمين فقد ألحد

إمام المسجد النبوي: من جاء للحج ليؤذي المسلمين فقد ألحد
إمام المسجد النبوي: من جاء للحج ليؤذي المسلمين فقد ألحد

قال الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام، إن الدولة في هذه الأيام تخوض مع التحالف حربا حازمة لإعادة الأمل لإخواننا وجيراننا مع ما يتطلب كل ذلك من استعدادات وأعمال واحتياطات، والمشاهد أن الناس مواطنين ومقيمين في أمن وافر.
وأكد في خطبة الجمعة، أمس، في المسجد الحرام، أن هذا البلد الأمن يستقبل إخوانه الفارين من الفتن والاضطرابات في بلادهم ويفتح أبوابه لتعاملهم كما يعامل إخوانهم المواطنين والمقيمين كما تستقبل الملايين من حجاج بيت الله الحرام وقاصديه، وهي موفقة في سياساتها واقتصادها وعلاقاتها على الرغم من الاضطرابات المالية وتقلبات الأسعار كيف وهي ولله الفضل والمنة ترفع راية الكتاب والسنة وتحكم الشرع المطهر وشعائر الإسلام فيها ظاهرة تعطي المحتاج وتواسي المكلوم وتحاسب المقصر في رحمة وحزم وشفافية.

وأضاف أنه إذا كان هذا الحديث عن المسجد الحرام ومكة شرفها الله فإن هذا يقود ويدعو ويذكر بالحديث عن شقيقه وتوأمه المسجد الأقصى فإنه الرابط الرباني بين المسجدين والمسرى النبوي بين المدينتين مذكرا بحال المسجد الأقصى هذه الأيام وهو يعيش اعتداءات آثمة وممارسات وحشية وسياسات عنصرية واعتداءات يهودية تشهدها ساحات المسجد الأقصى وهي امتداد لهذا الاغتصاب الظالم والجائر لفلسطين المحتلة كلها أمام صمت العالم.

ورأى الشيخ صالح بن حميد في هذا الحدث الجلل الذي يتعرض له المسجد الأقصى المبارك ما يوقظ المسلمين ذلك أن الأقصى هو الهدف الأسمى الذي يلتقي عنده المسلمون بكل مذاهبهم وانتمائهم واهتماماتهم وأنه من الواجب المتعين أخذ الدرس والعبرة إلى أبعد مدى وأن هذه الفرقة وهذا التناحر لم يستفد منه إلا هذا العدو المشترك وأن الأقصى المبارك هو الذي يجب أن تنتهي عنده الخلافات فهو الذي يوحد بين المسلمين عامة والفلسطينيين خاصة ولا يمكن أن يترك إخواننا المقاومون وحدهم أمام هذا العدو المتسلط.

ودعا المسلمين، خاصة الساسة وأصحاب القرار دولا ومنظمات وهيئات لبذل كل ما يستطيعون من إمكانات سياسية ومادية ونظامية ودولية، سائلا الله تعالى أن يخيب مسعى الصهاينة المغتصبين المحتلين، وأن يبطل كيدهم ذلك أنهم اختاروا هذا التوقيت لما تعيشه أمة الإسلام عامة والمنطقة خاصة من تنافر وفرقة وفتن وتناحر إرهابي وطائفي.

وقال إمام وخطيب المسجد الحرام: "نقول بكل ثقة إن إنقاذ الأقصى ليست مهمة عسيرة إذا صحت النيات وصدقت العزائم وتوحدت الجهود واستوعبت الدروس؛ فالمسلمون كلهم يد على من عاداهم والأمة الحية هي التي تخرج من ظلام الخذلان إلى نور الأمل ذلك أن الأمة حية لا تموت وهي حية بقوة الله ثم بقوة هذا الدين وامتلاء القلوب بالثقة بالله عز شأنه".

وشدد على أن الخلاف مع الصهاينة خلاف عقيدة وصراع بين وعد حق ووعد مفترى، وأن هذه مسؤولية الجميع شعوبا وحكومات وهيئات ومنظمات، وأن نصرة القدس وفلسطين تكون ببعثها حية في القلوب والكتب والكتابات والمناهج والإعلام وكل السياسات ثم بتأييد إخواننا المرابطين في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.

وأوضح، أن مكة المكرمة زادها الله تكريما وتشريفا وتعظيما ومهابة وبرا أعظم مدن الأرض مكانة وأعلى عواصمها شهرة، باركها الله وجعلها مكانا لبيته ومولد نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ومبعثه ومتنزل وحيه، وقبلة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، أحب البلاد إلى الله وخيرها عندما اختارها لمناسك عباده وجعل قصدها فرضا من فروض الإسلام، اعتنى العلماء بتاريخها وتوثيق أخبارها وبيان أحكامها ينفق في الوصول إليها نفيس الأموال وتقتحم من أجل بلوغها عظيم الأحوال.
#2#
وأضاف أنه بتعظيم بيت الله يعظم الدين ويتم الإسلام وتستقيم الدنيا وتشهد المنافع مكة هي أم القرى جميع القرى بحواضرها وقراها وكل معموراتها وهي أم الثقافة والتاريخ، أقسم الله بها وبأمنها، وهل أعظم إجلالا وتكريما من أن أضاف الحق عز شأنه البيت إلى نفسه فقال "وطهر بيتي"؟ فكم تقتضي هذه الإضافة الخاصة من الإجلال والتعظيم والاصطفاء والمحبة .

وبين أنه من مظاهر عظمة هذا البيت وتعظيمه ما وضع الله فيه من الآيات البينات والهدى حيث يقول العلماء إن الآيات البينات منهن الركن والمقام والحجر الأسود والحطيم وزمزم والملتزم والمشاعر كلها كما أن الكعبة المشرفة من أعظم الآيات البينات، لافتا النظر إلى أن من أعظم الغرائب في سنن الله أن جعل نهاية العالم بنهاية هذا البيت وخرابه واستحلاله والجرأة عليه فأمان العالم كله قدره الله مرتبطا بأمن مكة وتعظيمها وعمرانها.

وأوصى حجاج بيت الله الحرام بفعل ما يحبه الله ورسوله فإن ذلك يعد أول مظهر من مظاهر تعظيم البيت الحرام وإجلاله وإكرامه وكذلك الحرص على تحقيق التوحيد وسلامة المعتقد والبعد عن كل مظاهر البدع والتعلق بغير الله فضلا عن المعاصي والمخالفات فالبيت الحرام بني لغاية عظمى ومهمة كبرى هي توحيد الله وعبادته والتقرب إليه بما شرع وتحري بركاته بالأعمال الصالحة وكل ما أمر الله بزيارته أو بعمل يعمل في هذا البيت فهو من شعائر الله ويأتي في ذلك معالم الحج ومناسكه.

وأكد الشيخ صالح بن حميد أن الله عظم حرمة بيته وبلده فجعله حرما آمنا لا يسفك فيه دم ولا يظلم فيه أحد ولا ينفر فيه صيد ولا يعضد فيه شجر ولا يختلى خلاه ولا تلتقط لقطة إلا لمعرف وأن أعظم التعظيم لزوم جادة الشرع والإحسان إلى الناس وطهارة النفس ونقائها وحبها للخير ولعباد الله ولبقاع الله الطاهرة.

وحث المسلمين على التأمل في كل هذه الآيات البينات في مشاعر المسلمين وشعائرهم ما يزيد أهل الإسلام هدى وقوة واجتماعا، وستجلب به رحمة الله وفضله وعزه ثم رضاه والفوز بجنته.

وفي المدينة المنورة، تحدث الشيخ علي الحذيفي، إمام وخطيب المسجد النبوي، عن نعم الله التي لا تعد ولا تحصى، وأنه علم الإنسان ما لم يكن يعلم ومنَّ على الناس بأنواع العبادات، موضحا أن الحج فريضة كان أو تطوعا من أعظم العبادات وأفضل القربات وجزاؤه وثوابه عظيم، مبينا أن منافع الحج لا تتحقق إلا لمن أخلص في الحج نيته لله عز وجل وبر في حجه واقتدى في مناسكه بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال في خطبته، أمس، إن الحج مجمع كبير من مجامع المسلمين يجتمع فيه العالم والعامي والحاكم والرعية والذكر والأنثى وإن له أركانا وشروطا وواجبات وآدابا، حيث قال صلى الله عليه وسلم (من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه)، وقال (الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة).

وأكد الشيخ الحذيفي، أن المسلمين في الحج تجمعهم أخوة الإسلام يتراحمون بينهم ويتعاطفون ويتعاونون، موردا قول الحق تبارك وتعالى (إنما المؤمنون إخوة)، وقول رسول الأمة صلى الله عليه وسلم "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".

وقال: "إن القضاء والقدر من أركان الإيمان وإن من توفي من المسلمين في الحرم المكي هو مصيبة كبيرة، كانت بقضاء الله وقدره، قال تعالى (وما كان لنفس أن تموت إلا بإذن الله كتابا مؤجلا)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن مات محرما "لا تخمروا رأسه ولا تغطوا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا".

وأوضح أنه قد خفف المصاب على ذويهم مواساة ولي الأمر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، الذي عزى بالمصيبة بهم من الداخل ومن الخارج ومواساته بالقول والإحسان وبمكرمة.

ولفت في ثنايا الخطبة إلى ما يتعرض له المسجد الأقصى من خطر عظيم، فيما العالم في غفلة عن مسؤوليته في دفع الظلم وحماية المقدسات.
وأوضح أن حسن الأدب والخلق والفضائل التي أمر المسلم أن يتصف بها ويتخلق بها في الحج وفي غيره هي في الحج آكد وأعظم، ومن تلك الآداب ترك الجدال والمراء بغير حق لأنه يورث الشحناء والتعصب قال جل من قائل (الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج).

وأبان إمام وخطيب المسجد النبوي، أن الصدقة وبذل الطعام وإفشاء السلام من الفضائل لأن الحج موسم إحسان وصدقة وصفاء؛ وقد فسر الحج المبرور بذلك والإكثار من الذكر والتلبية قال النبي صلى الله عليه وسلم “إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا وبالمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله”.

وأشار إلى أن اجتماع الإخلاص والنصح لولاة الأمر ولزوم جماعة المسلمين بعدم الخروج عليهم تنفي من القلب الغل والحسد، والمسلمون يفرحون لاجتماعهم في الحج ووحدتهم.
وأكد أن من جاء إلى الحج ليؤذي المسلمين أو لمعصية وأن يجعل الحج وسيلة لمقاصد لا يقرها الإسلام وتغيير تعاليم الحج إلى مظاهر منحرفة، فقد ألحد في بلد الله الحرام قال تعالى (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم).

ودعا المسلمين إلى تدارس أسباب الخلاف والفرقة وأسباب الانحراف في الأفكار الضالة والعمل على القضاء على أسباب الانحراف في الأفكار الضالة، قال جل من قائل (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم).

من جانب آخر، أدَّى ضيوف الرحمن اليوم أول صلاة جمعة في شهر ذي الحجة في المسجد الحرام، قبل التوجه للمشاعر المقدسة لأداء مناسك الحج، وشهدت جنبات الحرم المكي الشريف وساحاته وأدواره المتعددة وتوسعاته الجديدة، إقبال المصلين منذ ساعات الصباح الأولى، وسط تكامل كل الاستعدادات لاستقبال ضيوف الرحمن، من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والتي أعدت باقة متكاملة من الخدمات وفق توجيهات قادة هذه البلاد المباركة، الذين لا يألون جهداً إلا ويبذلونه للحجاج، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين رئيس لجنة الحج العليا، وولي ولي العهد.

وتسعى الرئاسة لتكثيف العناية بضيوف الرحمن، من خلال الإدارات التوجيهية والإرشادية والخدمية بالمسجد الحرام وساحاته، بما وفرته من الخدمات، في إطار تنفيذ خطة موسم الحج هذا العام وتفعيل حملة (خدمة الحاج والزائر وسام فخر لنا)، في موسمها الثالث، التي تهدف في مجملها إلى تقديم أفضل الخدمات لوفود بيت الله الحرام.

وقد جرى تكثيف برامج التوجيه والإرشاد وأعمال النظافة وسقيا زمزم والعربات والصيانة والتشغيل، تحت اهتمام ومتابعة وتوجيه وإشراف، الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، والشيخ الدكتور محمد بن ناصر الخزيم نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام، الأمر الذي كان من شأنه ظهور السعادة والراحة على ضيوف الرحمن، تقديراً لما تم تهيئته من مشاريع وخدمات في الحرمين الشريفين الأمر الذي أعانهم على أداء نسكهم بكل يسر وسهولة.

الأكثر قراءة