مكة المكرمة .. مهبط الوحي ومركز الأرض.. عبق التاريخ يفوح من أرجائها

مكة المكرمة .. مهبط الوحي ومركز الأرض.. عبق التاريخ يفوح من أرجائها

تزخر المملكة بعديد من المقومات والمكنونات التي تحمل أبعاداً دينية واجتماعية وسياحية على مستوى راق ومنها مكة المكرمة.
وتقع مكة المكرمة، غرب شبه الجزيرة العربية، في واد من أودية تخوم جبال السراة، تحفه الجبال من كل جانب، ولمكة المكرمة عدة أسماء، من بينها أم القرى والحرم والبلد الآمن والبلد الأمين، أمَّا بكة فهو موضع الكعبة داخل المسجد الحرام، وتعتبر مدينة مقدسة منذ أيام إبراهيم وفي أيام الجاهلية وفي الإسلام، وفيها أقدس مكان للمسلمين، وهي الكعبة في بيت الله الحرام قبلة المسلمين في صلواتهم بشتى أنحاء العالم. ويحج المسلمون إليها كل عام لتأدية فريضة الحج، حيث يفد إليها أكثر من ثلاثة ملايين شخص من كل أنحاء العالم، لتأدية المناسك، وهي مهبط للوحي ومبعث رسالة الإسلام، وفيها ولد الرسول محمد بن عبد الله- صلى الله عليه وسلم- عام 571م.
وتعد طبيعة مكة المكرمة من أصعب التكوينات الجيولوجية، فأغلب صخورها بركانية وترتفع عن سطح البحر إلى أكثر من 300 متر، ويحدها وادي إبراهيم، المنحصر بين سلسلتي جبال جهة الشرق والغرب والجنوب، فالسلسلة الشمالية من الجبال، التي تتألف من جبل الفلق وجبل قعيقعان، والسلسلة الجنوبية تتألف من جبل أبي حديدة غربا، إضافة إلى جبل كدي باتجاه الجنوب الشرقي، وجبل أبي قبيس في الجنوب الشرقي وبعده جبل خندمة، ويقع في الجهة الجنوبية الشرقية على طريق جدة - الطائف وادي ضيم.
ولمكة المكرمة ثلاثة مداخل رئيسية، هي المعلاة وتعرف باسم الحجون والمسفلة والشبيكة، والمعلاة هي كل ما ارتفع عن مستوى أرض المسجد الحرام، والمسفلة هي كل ما كان أسفله، رفع بها إبراهيم قواعد البيت (الكعبة) مع ابنه إسماعيل بأمر من الله، بعدما أمره بذبح ابنه الوحيد إسماعيل، وفداه بعد طاعته بكبش عظيم.
وتضم مكة المكرمة عدة أحياء منها.. العوالي، الشبيكة وتتبعها حارة الهجلة، وأجياد وتتبعها اجياد السد والمصافي، إضافة إلى الشامية والسليمانية والمسفلة وحارة الكدوة والجودرية والقشلة وملقية والنّقا والراقوبة وجرول، وكذلك إحياء الباب وشعب عامر والقرارة والمعابدة وسوق الليل والقشاشية والمعلاة والخالدية.
كما تضم عدة حارات قديمة تعد من أقدم الحواري في مكة وقريبة جداً من الحرم منها المدعى، والكدوة التابعة لمنطقة حي المسفلة ويقطنها كثير من الآسيويين والأفارقة منذ أكثر من 50 عاماً، والملاوي، الذي يعد من الأحياء القديمة أيضا، ويفصل عن الحرم جبل خندمة، والجميزة: وقريب من المسجد الحرام وهو يقع بين أحياء المعابدة الملاوي العتبيية، والطظباوي أو ما تسمى حالياً شارع المنصور.
وهناك حارة تسمى بحارة الأشراف .. من أكبر أحياء مكة ويتميز موقعه بقربه من خط جدة السريع، وكدي وهو من الأحياء القديمة ويبعد عن المسفلة مسافة 10 دقائق وما زال بها سكان من أهالي مكة، ولكن غالبية سكانها مقيمون، والخانسة وهي من الأحياء، التي تعد جديدة نوعاً ما، ولكن يغلب على منازلها الطابع الشعبي وتبعد عن الحرم مسافة 15 دقيقة.
وتشتهر مكة المكرمة بكثرة جبالها، حيث تتصف بأنها منطقة جبلية، ونظراً لكثرة هذه الجبال كان لبعض منها مسميات تعرف بها، فهي إما تنسب إلى أشخاص عاشوا عليها، وإما لوقوع حوادث إسلامية وتاريخية فيها، ومن هذه الجبال، جبل يطلق عليه جبل النور، وآخر أبو لهب، وثالث جبل ثور وأبو قبيس، وغيرها كثير من الجبال المعروفة والمشهورة في مكة المكرمة والقرى التابعة لها.
ووفق الكتب التاريخية، يقع جبل النور شمال شرق المسجد الحرام، ويطل على طريق العدل وسمي بهذا الاسم لظهور أنوار النبوة فيه، حيث كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يخلو فيه بنفسه ليعبد الله قبل البعثة في غار حراء، ويبلغ ارتفاع هذا الجبل 642 متراً، وينحدر انحداراً شديداً من 380 متراً حتى يصل إلى مستوى 500 متر، ثم يستمر في الانحدار على شكل زاوية قائمة، حتى قمة الجبل وتبلغ مساحته خمسة كيلو مترات و250 متراً مربعاً، وتشبه قمته الطربوش أو سنام الجمل.
أما جبل ثور، فيقع جنوب جبل المسجد الحرام بين سهل وادي المفجر شرقاً وبطحاء قريش غرباً، ويشرف على حي الهجرة، ويعد من الجبال المعروفة، نظراً لما يتمتع به من مكانة تاريخية، حيث يوجد فيه الغار الذي لجأ إليه الرسول (صلى الله عليه وسلم) وصاحبه أبوبكر الصديق (رضي الله عنه) أثناء الهجرة.
وقيل إن سبب تسمية جبل ثور بهذا الاسم، إنه كان يعرف بجبل أطحل، ولكن حين سكنه ثور بن عبدمناف نسب إليه، ويقال أيضاً إنه يشبه ثوراً مستقبلاً الجنوب، هو جبل مستدير الشكل نسبياً، له عشر قمم مدببة، ترتفع من قاعدته الدائرية، ويصل ارتفاع أعلاه إلى 755 متراً وتبلغ مساحته عشرة كيلو مترات مربعة.
فيما يقع جبل أبوقبيس شرق المسجد الحرام، ويطل عليه من الجهة الشرقية ويشرف على الصفا، ويقع بين جبال السد وشعب علي، فهو امتداد لسلسلة جبال خندمة، وقد اكتسب أهميته التاريخية لقربه من المسجد الحرام، ووجود مسجد بلال على قمت، يرى بعض العلماء أن جبل أبو قبيس أفضل جبال مكة المكرمة، لكونه أقرب الجبال للكعبة المشرفة وأول جبل وضع على وجه الأرض لقول الرسول "أول بقعة وضعت في الأرض موضع البيت ثم مدت منها الأرض" وأن أول جبل وضعه الله على وجه الأرض أبو قبيس، ثم مدت منه الجبال وهو أحد أخشبي مكة المكرمة.
ويتبين من خلال الخرائط الجيولوجية، أن جبل الكعبة يقع شمال غرب المسجد الحرام في حارة الباب، ويسمى بجبل مقلع الكعبة، وسمي بهذا الاسم لأن الحجارة المستخدمة في بناء الكعبة المشرفة قطعت منه عند إعادة بناء الكعبة، عندما هدم جدارها السيل في العهد العثماني الأول عام 1039 هـ.
ويقع جبل السيدة شمال المسجد الحرام في الحجون، وتوجد في أسفل الجبل مقبرة المعلاة، التي تضم قبر السيدة خديجة زوجة الرسول، وسمي بهذا الاسم نسبة لها ويصل ارتفاعه إلى400 متر.

الأكثر قراءة