ثقافة تصفح مثالية ومفيدة

فتحت شبكة الإنترنت أبوابها مشرعة أمام كل الناس، وأثرت بمحتوياتها من العلوم والمعرفة وتبادل الاتصالات وتنوع الثقافات في جميع الأجناس دون استثناء. وأصبح عشرات الملايين من المتصفحين حول العالم يقضون ثلث يومهم أمام شاشات الكمبيوتر، والبعض منهم وصل به الأمر إلى درجة الإدمان، والشعور بأن الحياة دون الإنترنت في حكم المستحيل، وربما أشبه بالعزلة أو الغربة والانقطاع عن العالم.
هذه حقائق يجب ألا نغفل عنها، فشبكة الإنترنت هي المستقبل القادم، شئنا أم أبينا، والمستخدمون في تزايد، ونحن في المجتمع السعودي جزء من هذا العالم ونسير معهم في علاقة طردية مع كل التطورات لهذه التقنية، وتؤكد ذلك آخر الأخصائيات التي تشير إلى ارتفاع نسبة المستخدمين للإنترنت في عام 2007 إلى 40 في المائة من إجمالي السكان، وهي مرشحة للتزايد عاما بعد عام.
لا شك في أن الإنترنت حلقت بالمتصفحين إلى آفاق من المعلومات الضخمة، ومكنتهم في التو واللحظة من الوصول لآخر المستجدات في النتاج المعرفي من أي مكان من أرض المعمورة، وتبادل المعرفة ونقل الخبرات وحل المشكلات مع الآخرين في أنحاء متفرقة من شعوب العالم، وقربت الصحافة العربية والعالمية والكتب والحركة الثقافية والفكرية، وسهلت الحصول على أي جزء من محتوياتها، وبكل بساطة صار من السهل لكل فرد أن يجد ما يشاء بالكلمة والصورة. 
ومن مجريات الحياة من حولنا، وبحكم أن الإنترنت توجد أمام الكبير والصغير، فمن الواجب على ولي الأمر في الأسرة أن يشارك أسرته معه في فهم فوائد الإنترنت، وأيضا تحذيرهم من مساوئها، ويكون ذلك باندماجه معهم في أوقات تصفحه للإنترنت، وأن يبذل ما في وسعه أن تكون بمثابة الحصص المنزلية لتعليم أصول التصفح وتنظيم أوقاته.
في حقيقة الأمر علينا ألا نفوت على أفراد الأسرة فرصة التعامل مع التصفح، فالكمبيوتر من دونه يصبح كأنه في حجر صحي، وأعرف الكثيرين ممن لم يتعاملوا مع الكمبيوتر في حياتهم الآن، بل حتى إن منهم من لا يتقن استعمال "الفارة"، ومن ثم ومع قدوم الإنترنت والتعمق في استخداماته تغيرت بشكل سريع قدرة التعامل مع الكمبيوتر من درجة الصفر إلى مرحلة التشغيل بإتقان وبمهارات تفوق الحاصلين على شهادة حاسب آلي من المعاهد المتخصصة، أو حتى من بعض خريجي الجامعات حاملي درجة البكالوريوس في الكمبيوتر.
من هذه المعطيات أصبح من اللازم تنمية ثقافة التصفح في مجتمعنا بداية من المنزل، إذ يجب أن نرغب أبناءنا في تصفح الإنترنت ونساعدهم بالتوجيه والإرشاد لتحقيق رغباتهم وميولهم من الإنترنت، وتقديم النصيحة لهم ومساعدتهم في الوصول للمواقع المحببة لهم، وأن يكون رب الأسرة قريباً من عائلته عند تصفح المواقع، وأن يخصص من وقته ساعة على الأقل يوميا للمتابعة والدعم، حتى يتكرس لديهم مفهوم ثقافة التصفح والحماية الذاتية من سيئات الإنترنت.
كما لا ننس أن مواجهتنا لا تقتصر على سلبيات التصفح لفكر ومعتقدات أفراد العائلة، بل المواجهة يفترض أن تتضمن الحفاظ على صحة البدن والحواس بعدم البقاء لفترات طويلة من الزمن أمام جهاز الكمبيوتر. فقد حذرت بحوث طبية من حدوث مشكلات في البصر بسبب النظر إلى شاشة الكمبيوتر المشعة لساعات طويلة من الزمن، أو آلام الظهر والكتفين وأصابع اليدين لكثرة الحركة في استخدام الفارة ولوحة المفاتيح، أو إصابة الرئتين من جراء الهواء الملوث المنبعث من الطابعات، حتى الجهاز السمعي يتأثر من الضوضاء التي تصدر من مراوح التبريد للطابعة أو الكمبيوتر. لهذا يفترض أن نستوعب كل هذه العوامل الإيجابية والسلبية، سواء كانت صحية أو فكرية، ونؤسس على ضوئها جهودنا مع عائلاتنا نحو ثقافة تصفح مثالية ومفيدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي