بطولة المؤامرات!

كثيرة هي أحداث خليجي 19التي تستضيفها العاصمة العمانية مسقط هذه الأيام وتحتاج إلى وقفة يجب ألا تمر مرور الكرام، ومن تلك المواقف ما حدث عندما حضر منتخب البحرين لأداء التمارين، ففوجئوا بأن منتخب عمان خصمهم في اليوم التالي لا يزال يتدرب، فثاروا واتهموا اللجنة المنظمة بأنها تعمدت ذلك، وامتد الأمر إلى أكثر من ذلك بوصف الحادثة بأنها مؤامرة، للتشويش والتأثير النفسي فيهم قبل مباراتهم أمام عمان، ورفض مدربهم التشيكي ماتشالا البحث عن حلول أخرى للتدريب، مفضلا العودة إلى مقر سكن البعثة دون تدريب.
ومع أن اللجنة المنظمة أكدت أن الملعب المبرمج لتدريبهم، لم يكن هو الملعب نفسه الذي حضروا إليه، وكان تدريبهم المقرر على ملعب آخر هو الرديف، ومع ذلك أبدت اللجنة أسفها واعتذارها للبحرينيين.
وسواء كان المخطئ البحرين أو البلد المستضيف الذي كسب المباراة كنتيجة طبيعية للشحن الذي كان عليه لاعبو البحرين، إلا أن القضية تكمن في النظرة السوداوية التي تطلق جزافا، وفي بطولات الخليج بالذات.
ماذا يعني لو التفت ماتشالا لمصحلة منتخبه، وفكر في توفير ملعب آخر، أو الانتظار لنصف ساعة مثلا، وقدر تكالب الأمور على المنظمين، وجعل لاعبيه يتدربون، ويكونون بمعزل عن الضغوط النفسية أو مبدأ أنهم مستهدفون.
المسؤولون يتهمون، واللاعبون يشحنون، والإعلام (يستأسد) أمام هذه المواقف ويراها صيدا دسما يجب أن يبتلع أكبر قدر منه.
..وماذا ستكون النتيجة يا ترى؟
إنها ما حدث وسيحدث من غضب جماهيري وشحن كبير، وتجاوزات تعدت حدود المعقول، وعكرت صفو البطولة.
المشكلة تكمن دائما في أن من يطلق اتهام المؤامرة، يخسر كثيرا، ويصيب لاعبيه (بالإحباط) وهو لا يدرك ما قام به، كما أنه يجعلهم يعيشون بإحساس الانهزامية، وأن الجميع يعمل ضدهم، ولن يفوزوا ولو كانوا الأفضل فنيا.
التراشق المؤسف يجعل الكثير يطالب بإلغاء دورات الخليج، أو إقامتها كل أربع سنوات، وهذا لا يتفق مع الأهداف التي أقيمت لأجلها البطولة، المهم ليس الإلغاء بقدر المواجهة والتعامل باحترافية ومنطق، وتنظيم، وكذا فرض عقوبات صارمة على المخالفين.
وكلمة (مؤامرة) تعد أسهل لفظ ممكن أن نسمعه في دورات الخليج منذ انطلاقتها وحتى اليوم، على الرغم من كون معناها الحقيقي لا يتفق وأخلاق الخليجيين، ومبادئ التنافس الشريف النزيه البعيد عن الشوائب، ومن الصعب إطلاق هذا اللفظ عند أي خطأ ( وارد) في عالم الكرة.
كل شيء تطور في الكرة، والخليجيون لا يزالون يرددون أسطوانات قديمة، عفى عليها الزمن وكساها الغبار، وأفرزت تراكمات (شوهت) جماليات العمل والتنافس الشريف الذي يؤصل المحبة والترابط، ويتخطى ذلك بكثير إلى روابط الدم التي تجمعنا كخليجيين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي