جمع الأموال.. القطاع العقاري يتصدر

يجب إعادة الثقة والاعتبار إلى القطاع العقاري السعودي بعد الهزات التي تعرض لها بسبب ممارسات يدعي البعض أنها استثمارية وذات عوائد مرتفعة، وهي بعيدة كل البعد عن ذلك، فهذا القطاع يتصدر النشاطات كافة جمعاً للأموال منذ عقود، حيث إن قيمة الأضرار المالية التي لحقت به لـ 25 مشروعا ومخططا ومساهمة عقارية متعثرة فقط، تجاوزت 100 مليار ريال وفقاً لمتعاملين في السوق.
لقد استبشرنا كثيراً بوقف المساهمات العقارية التي استغلت الناس وأكلت حقوقهم بتصريح رسمي، ليعود إلينا البيع على المخططات وهو أشد من هذه المساهمات ضرراً لأن التعاملات فيه تقاس بمئات المليارات من الريالات، وتقوم عليها شركات كبرى لا أفراد.
ربما يكون مشروع البرج في جدة هو بداية سقوط نظام البيع على المخططات، عندما تقدم عدد من المواطنين في جدة بشكوى لدى الجهات المختصة ضد إحدى الشركات الإماراتية يتهمونها ببيع شققها بالكامل على المخططات لعدد من المواطنين دون أن تبدأ في تنفيذ المشروع، وهو أمر يراه المشترون ضررا لحق بهم بعد أن دفعوا أموالهم لشراء شقق على المخططات لا على أرض الواقع. ("الاقتصادية" 4/1/2009).
وبغض النظر عن نوايا المستثمرين التي تعثرت مشاريعهم سواءً كانت صادقة أو تتعمد التحايل، فالنتيجة واحدة" ضرر للناس وجرهم للخسارة.. و فقدان الثقة بالقطاع".. وهنا نتساءل.. كيف يتم تسليم هؤلاء أموالاً لمشاريع مبهرة وبراقة على ورق، ويتم إيداعها في حساباتهم تحت حرية التصرف بها؟ ثم أين التدخل الحكومي (الاستثنائي) لهذه العمليات التي تتم علناً؟ وما مصير الأموال التي جمعت لمشاريع بدأت تواجه معوقات لتنفيذها؟.
كل ما نخشاه أنه كلما أغلق باب لجمع الأموال فتح آخر ومن القطاع العقاري نفسه، بوصفه يتميز عن غيره بأنه مغر لجذب الناس للدخول في استثماراته، الأمر الذي يجعلنا نطالب بسن قوانين وعقوبات حازمة تحمي حقوق الناس والسوق مما يتعرض له من عمليات نصب وتحايل بذريعة أنها "مشاريع ضخمة"، تعود فائدتها للناس وللبلد وتطورها، كما يجب أن يتم مراقبة مكاتب المحاسبة المرتبطة بهذه المشاريع، لأن انحرافها البسيط عن مهنيتها وأخلاقيات العمل المحاسبي قد يزيد من نزيف الأموال.
إن القطاع العقاري السعودي بحاجة إلى هيئة مستقلة ترعى مصالحة ومحاكم متخصصة بقضاياه لأن ترك هذا القطاع دون آليات وضوابط قد يعمق من جراحه ويزيد من المطامع فيه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي