ما الموقف من البيع على المكشوف؟
يعد البيع على المكشوف أحد أساليب تداول الأوراق المالية في البورصة، حيث يبيع المستثمر أسهما بسعر محدد مستقبلا وهو لا يملكها، وإنما يتلقى وعدا من السمسار بإقراضه الأسهم في موعد التسليم ، فإذا جاء موعد التسليم، اقترض الأسهم وباعها واحتفظ السمسار بالثمن ضمانا لقرض الأسهم ـ وربما أودعه السمسار بفائدة لمصلحته بناء على موافقة العميل ـ فإذا انخفضت أسعارها، اشترى ذلك البائع الأسهم من السوق، وأعادها إلى السمسار، وقبض الفرق بين سعر الشراء وسعر البيع أما إذا ارتفعت هذه الأسعار فسيخسر بمقدار ذلك الارتفاع فهو باختصار بيع لما لا يملكه الإنسان.
ومنذ ثلاثة قرون أو أكثر بدأ الاقتصاديون يتنبهون لمخاطر هذا البيع ووجهت الانتقادات إلى هذا النوع من البيع بدءاً من الحظر الهولندي عام 1609 في أعقاب الهبوط في أسهم شركة الهند الشرقية الهولندية، بينما حظر بنك إنجلترا البيع على المكشوف على أسهمه في عام 1697 مؤكدا أن لهذه الصيغة مخاطر غير منتهية.
وما إن حدثت الأزمة المالية العالمية الحالية حتى اتخذت السلطات في الولايات المتحدة وأوروبا خطوات جذرية لاستعادة الثقة في أسواق المال المتعثرة فضيقت أمريكا وبريطانيا الخناق على عمليات البيع على المكشوف لأسهم البنوك وكان أثر هذه الخطوة فوريا وملموسا فارتفعت سوق الأسهم الأمريكية بأكبر نسبة مئوية في يوم واحد منذ ست سنوات ما جعل مختلف دول العالم تنادي بمنع التعامل بهذه الصيغة كباكستان والكويت ودبي ودول أخرى عديدة.
إن البيع على المكشوف يؤدي إلى زعزعة الأسعار في أسواق هي في الأساس غير مستقرة، كما يثير ذعرا في أوساط المتداولين قد يتطور إلى تفاقم الأوضاع وبالتالي انهيار السوق، واعتبر البيع على المكشوف من أبرز أسباب الأزمة المالية العالمية حتى وصف رئيس لجنة الأسواق المالية والبورصة الأمريكية كريستوفر كوكس المتعاملين به أنهم شريرون ويتحملون اللوم في انهيار الأسهم.
إن مشكلة البيع على المكشوف تأتي من أن المشاركين في سوق الأوراق المالية يقومون ببيع الأسهم أو السلع التي لا يملكونها من أجل تحقيق أرباح في وقت لاحق من خلال انخفاض الأسعار المتوقع، فهو بيع يخالف طبيعة الاستثمارات، حيث إن من دخل فيه يسعى إلى تخفيض الأسعار ليربح بعكس صيغ الاستثمار الأخرى فإن الداخل فيه يتمنى أن ترتفع الأسعار حتى يحقق الربح.
وقبل 14 قرنا حرم الإسلام بيع ما لا يملكه الإنسان بكل صوره ومن أهمها صورة البيع على المكشوف ولذلك لم تفت بجواز هذا البيع أي من الهيئات الشرعية ولم يكن كذلك عبثا كيف والشريعة من لدن حكيم خبير.
إن النظر للحكم والأسرار التي يتمتع بها النظام المالي الإسلامي يوفر حلولا جذرية لمشاكل العالم الاقتصادية وغير الاقتصادية وتلك دعوة صادقة لأن يجتمع خبراء المال الإسلامي لا للقلق على استثماراتهم بل لإعلان الحلول والبدائل بالكيفية المناسبة.
والعتب كله على من لديهم هذا النظام الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ثم يقصرون في تطبيقه في حياتهم وحمله إلى العالم لتقديمه كنظام مالي مكتمل قابل للتطبيق.