استمرار السياسة المالية المحفزة في وجه التحديات
أظهرت الميزانيـة العامـة للدولـة للعام المالـي 2025 تأكيدها الراسخ على اسـتمرار الجهـود الراميـة إلـى تحقيـق مستهدفات رؤية السـعودية 2030، التـي بـدأت في التحقـق بحمد الله واحـدة تلـو الأخـرى طوال الفترات الماضية، ولتثبت على أرض الواقع استمرار دعم النمــو المستدام للاقتصــاد، ومتابعة تنفيــذ الإســتراتيجيات القطاعيــة، والاســتمرار فــي دعــم برامــج رؤيــة الســعودية 2030 والمشـاريع التنموية العملاقة.
فقد أسهمت الوتيرة الجادة للإصلاحات الهيكلية والمالية التي تمّت فــي تعزيز قدرة الاقتصاد الوطني في إطار مواجهة التحديات التي يشهدها الاقتصاد العالمي، بما مكّن الاقتصاد الوطني من تسجيله أداءً إيجابيا، انعكس على استمرار نمو الأنشطة غير النفطية، ما أسهم بدوره في خفض معدلات البطالة في السعودية إلى أدنى مستوياتها التاريخية، وأسهم أيضاً في السيطرة على التضخم والحد من آثاره العكسية على الاقتصاد الوطني مقارنةً بالمعدلات العالمية، كما استمرّت الحكومة في جهود تطوير سياسات المالية العامّة، بما يؤدي إلى تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاستدامة المالية وفق مستهدفاتها المنشودة.
لقد تضمنت الميزانية العامّة للدولة للعام المالي 2025 تأكيداً وثيقاً وراسخاً على استمرار الحكومة لتبنّي سياسات الإنفاق التوسعي، التي تستهدف إستراتيجياً توفير الدعم اللازم للنمو الاقتصادي، واستمرار الاعتماد على تنويع القاعدة الاقتصادية بتسخير تلك السياسات والموارد المالية المتوافرة في هذا الاتجاه، والتركيز على القطاعات ذات العائدين الاقتصادي والاجتماعي المستدام، مع الاستمرار في تحقيق المبادرات المتعلقة برؤية السعودية 2030. ويعكس كل ذلك عزْم الحكومـة على التقدم بوتيرةٍ أسرع في تنفيذ الإصلاحات وتطوير السياسات، إضافةً إلى التوسع في الإنفاق التحولي الهادف إلى تعزيز النمو الاقتصادي المستدام، ما يسهم في تعزيز جودة الحياة، وهو ما أكّدتْ عليه توقعات وتقديرات حجم الإنفاق الحكومي خلال الفترة 2024-2027، بوصوله إلى نحو ثلث الناتج المحلي الإجمالي طوال الفترة، بما يؤهله إلى أن يكون رافداً قوياً للنمو والاستقرار والتنويع الإنتاجي، بالتزامن مع قدرة المالية العامّة على تحمّل عجْزٍ مالي في الأجل المتوسط يراوح عند 2.3% من الناتج المحلي الإجمالي.
قدّرت الميزانيـة العامـة للدولـة للعام المالـي 2025 ارتفاع إجمالي الإيرادات إلى أعلى من 1.18 تريليون ريال للعام المالي القادم، بمعدل تراجع تناهز نسبته السنوية نحو 3.7% مقارنة بتقديرات إجمالي الإيرادات للعام الجاري، وتراجع إجمالي المصروفات بنحو 4.5% إلى 1.29 تريليون ريال عن العام المالي القادم، ما أسهم في تقليص العجز المالي للعام القادم إلى 101 مليار ريال (2.3% من الناتج المحلي الإجمالي).
ووفقاً لتقديرات بيان الميزانية يُعد المستوى المقدّر للإنفاق الحكومي خلال العام المالي القادم محفّزاً للاقتصاد الوطني، وبما يؤكّد على استمرار الحكومة في تنفيذ المبادرات والإصلاحات في الجانب الاقتصادي والمالي، تحت مظلة رؤية السعودية 2030 وصولاً إلى تحقيق الهدف الإستراتيجي المتمثل في تنويع الاقتصاد الوطني، والتعزيز المستمر والمتنامي للإيرادات غير النفطية.
كل ذلك يؤكد عزم الحكومة على استكمال جهودها الرامية إلى تعزيز استدامة المالية العامة، وتحقيق المستهدفات التنموية الشاملة، من خلال المراجعة الدورية لتقديرات أسقف المصروفات الحكومية في الأجل المتوسط وفقاً للمستجدات المالية والاقتصادية المحلية والعالمية، ضمن إطار الحيّز المالي المتاح في مشروع التخطيط المالي طويل الأجل. والتأكيد أيضاً على استمرار الإنفاق الحكومي على الخدمات الأساسية للمواطنين والمقيمين، إضافة إلى تعزيز جودة الحياة وتطوير الخدمات الحكومية في مجالات التعليم والصحة، والتنمية الاجتماعية وكذلك تطوير البنية التحتية في مختلف مناطق السعودية، مع تمكين القطاع الخاص، وتنمية المحتوى المحلي والصناعات الوطنية، وتحفيز البيئة الاستثمارية لتحقيق التنمية المستدامة.