لمحات حول جباية الزكاة
معلوم لدى كل مسلم أهمية دور الزكاة وأدلة فرضيتها من الكتاب والسنة وأنها ثالث أركان هذا الدين الذي أكمله الله - عزل وجل - وارتضاه ديناً خاتماً للأديان بما شرعه من أحكام وشرائع تجعل المسلم في غنى عن الاجتهاد والتماس الذرائع.
ولقد أوجب الله تعالى الزكاة في المال وجعلها له طهرة ونماء وتوعد على من منعها بأشر العقوبات وقد قرنها الله تعالى بالصلاة التي هي عماد الدين في آيات كثيرة من القرآن الكريم، ولذا فإن على المسلم إخراج الزكاة مباشرة منه أو بالجباية من ولي الأمر، وللزكاة شروط هي "الإسلام وملكية المال ونماؤه وتمام النصاب وإكمال الحول عليه".
ولقد سعت الدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى تأكيد جباية الزكاة وإسقاطها عن المكلفين إبراءً للذمة، حيث أنشئ نظام تسجيل الزكاة بالأمر الملكي رقم 144 في 14/1/1347هـ الذي ألغي بنظام السجل التجاري وما يتبعه من تعديلات بهدف حصر الأنشطة التجارية وربط زكواتها بأنشطتها ومن ثم تم تنظيم جباية الزكاة بالمرسوم الملكي رقم 17/2/28/8634 في 9/6/1370هـ وما تلاه إنشاء مصلحة الزكاة والدخل بالقرار رقم 394 في 7/8/1370هـ ولقد سعت الدولة من ذلك إلى تنظيم جباية الزكاة وأسهمت في تعديل إجراءات الجباية من فترة لأخرى حسب متطلبات الوضع الاقتصادي، ففي بعض الفترات كانت الزكاة تجبى بواقع نصف المستحق والنصف الآخر ينفق بمعرفة المكلف، ففي الفترة الأخرى جبي الزكاة كاملة من المكلفين.
وتأكيداً للإجراءات المتبعة في جباية الزكاة توجيه صارفها إلى مستحقيها المنصوص عليهم في القرآن وأنه لا يجوز تجاوز أوجه مصارف الزكاة وابتغائها مغرماً للحاكم المحكوم، فقد أصدرت الدولة مرسوماً ملكياً رقم 32 في 2/10/1385هـ ينص في الفقرة ثالثاً منه: "جبي أموال الزكاة وتورد لحساب الخزانة العامة للدولة وعلى وزارة المالية فتح حساب خاص لتلك الأموال لتصرف كاملة على أغراض الضمان الاجتماعي مع ما ترصده الحكومة من أموال إضافية لهذا الغرض".
ونظراً للتوسع الاقتصادي للأعوام الأخيرة وما شهده من ارتفاع كبير في حجم السيولة والتداول للنقود كان من الأهمية إبراز حساب الزكاة بشكل واضح وجلي للعموم ليسهل الوصول إليه وإبراء ذمة دافع الزكاة بالإيداع في حساب الزكاة الخاص الذي يفصل فصلاً تاماً على حسابات المال، حيث تم استحداث الحساب رقم (230301000006) لدى مؤسسة النقد العربي السعودي وفروعها.
ويتمتع هذا الحساب بشخصية مستقلة عن حسابات الدولة، حيث يتم إيداع أموال الزكاة المحصلة من المكلفين عن طريق بنك الرياض وشركة الراجحي المصرفية للاستثمار وفروع الجهات المختصة وزكاة الأفراد المحصلة عن طريق البنك الأهلي في هذا الحساب مباشرة ويودع في هذا الحساب أي مبالغ ترصدها الدولة لأغراض الضمان الاجتماعي لعدم كفاية مبالغ الزكاة المحصل للمستفيدين منه.
وتصرف الأموال المودعة على أوجه الصرف المقررة شرعاً عن طريق وزارة الشؤون الاجتماعية "الضمان الاجتماعي" الذي يتولى دراسة الحالة وإقرارها من مصارف الزكاة الشرعية.
وفي الختام فإني أتوجه إلى العموم بالاهتمام والحرص على إخراج الزكاة في وقتها وتحري مصارفها والتعاون مع هذه الوزارة في تعزيز قدرة حساب الزكاة المشار إليه في سد احتياج المحتاجين وسوف توالي وزارة المالية أهمية كبرى في تطوير هذا الحساب وتوجيه مصارفه.
والله الموفق