كيف نحل مشكلة التمويل العقاري؟
جميع الحقائق التي بين أيدينا تؤكد عجز القطاعين العام والخاص وبالذات القطاع العقاري الذي يعد من أكبر القطاعات في المنطقة، عن تمويل المساكن في السعودية في المستقبل القريب، الأمر الذي يتطلب الخروج تماماً عن التفكير في الحلول الحالية لأزمة المساكن التي تعانيها البلاد، والبحث عن طرق أخرى أكثر جدوى وذات نتائج مضمومة.
إن الحاجة الفعلية للمساكن التي تقدر بـ 200 ألف وحدة سنوياً تواجه تحديات كبرى، يصعب التعامل معها بآليات تمويل ضعيفة ومصادر شحيحة، وقلة في عدد الشركات العقارية التي تعلن عن أرقام "خجولة" لمشاريعها الإسكانية، ودون برامج تقسيط مشجعة.
فالتقارير التي تنشر دائماً تؤكد متانة وجاذبية القطاع العقاري السعودي وتحقيقه معدلات نمو عالية، فحجم السوق تجاوز 1200 مليار ريال، وقيمة التداول السنوي فيه فاقت 200 مليار ريال، ويسهم بنحو 55 مليار ريال في الناتج المحلي، ومع ذلك فإن هذا القطاع لم يحقق أهم مطلب وهو تحقيق حلم المسكن لفئة كبيرة من المواطنين يقدرون بنحو 70 في المائة من عدد السكان، وكل الذي يعلن عنه مشاريع إسكان محدودة العدد لا ترتقي إلى الطموح وبرامج تمويل غير محفزة للإقبال عليها.
لقد زادت المطالب بسرعة إقرار نظامي الرهن والتمويل العقاري - وهما آخر الخيارات - للإسهام في ردم الهوة الإسكانية الكبيرة في المملكة، في ظل ارتفاع العجز في قطاع المساكن بسبب النمو السكاني وازدياد فئة طالبي السكن من الشباب، وحتى لو أقر هذان النظامان، فإن العجز سيظل موجوداً لسنوات طويلة مقبلة ما لم يتم تنويع مصادر التمويل والتعجيل فيها.
طبعاً كل السبل التي أمامنا للتمويل العقاري أتيحت، ولكنها لم تجد وظلت معها مشكلة الإسكان قائمة، ولو أننا استبعدنا التمويل الذاتي للمساكن من قبل الأفراد والذي يشكل 86 في المائة – وفقاً لدراسة غرفة الرياض -، لاعتبرنا أن أنظمة التمويل الحالي "مهترئة".
مشكلة التمويل العقاري يمكن حلها (رغم أن سبل تمويل المنتجات العقارية أصبحت أشد حذراً وبطئاً) من خلال إعادة التفكير في أنظمة السوق العقارية وإدخال لاعبين جددا أساسيين فيه وإنشاء هيئة الإشراف عليه، وكذلك معرفة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى فشل التمويل العقاري في سوق تتوافر فيه كل مقومات التحفيز والاستثمار والاستقرار والجاذبية، مدعوماً بطلب حقيقي على الوحدات العقارية، وهو ما استشعرته الشركات العقارية والتمويلية الأجنبية التي أعلنت استعدادها للاستثمار في سوق العقار السعودية، قبل وأثناء وبعد الأزمة المالية العالمية لثقتها في هذه السوق رغم عدم تنظيمها، مستهدفة المواطنين السعوديين من متوسطي الدخل.