استهداف الطبقة الوسطى
من المعروف أن الطبقة الوسطى تشكل القاعدة العريضة للبنية الاقتصادية لأي مجتمع وانتعاشها شرط لانتعاش الاقتصاد ونموه في ذاك المجتمع وذلك بوصفها الجسر الرابط بين طبقات المجتمع المختلفة.
مصطلح الطبقة الوسطى ظهر في القرن التاسع عشر في أوروبا واستمر عدم الاهتمام بهذه الطبقة في المجتمعات العربية منذ مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية وحتى الآن.
هناك أسئلة كثيرة تدور في فلك واحد وهو ما نلاحظه يومياً من إعلانات أو عروض لمشاريع سكنية مخصصة لتلك الطبقة وإن نظرت إلى الأسعار ستجدها تفوق إمكانيات معظم الطبقة المستهدفة ، فمن غير المعقول أن يصل ثمن تملك فيلا سكنية ما يقارب المليون ريال وأكثر وأن يكون توجيه الإعلانات للطبقة الوسطى.
إذا قمنا بعملية حسابية بسيطة نجد أن من يستطيع شراء فيلا بذاك السعر لا بد أن يكون دخله الشهري (الراتب) يناهز 18 ألف ريال وهذا الأمر يعني استثناء أغلب موظفي القطاع الحكومي ومعظم موظفي القطاع الخاص، فمن نستهدف إذاً؟
عليه عندما نقول إنه إذا كان هناك مشروع ما موجه للطبقة الوسطى, نقصد بها من يراوح دخله الشهري بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف, مضافاً إليه سجل خالياً من الديون الطويلة أو القصيرة الأجل فهذا لعمري من (المستحيلات) في زمننا الحالي .
لذلك وبناء على ما سبق لا بد أن تراوح أسعار المنازل ما بين 650 ألف ريال إلى 850 ألف ريال كحد أعلى إذا كنا فعلياً نستهدف الشريحة العظمى من الطبقة الوسطى.
كما لا يخفى على كل متابع لشؤون العقار الشروط القاسية والفائدة التراكمية من قبل البنوك وشركات التمويل التي لم يكن لها أي دور فعال في مواجهة الطلب على العقار ولا أعتقد أن البنوك لديها أي خطط حالية أو مستقبلية لتقديم خدمات تمويلية منطقية وعادلة للمجتمع الذي تعيش على دمائه، لذلك نحن لا نستغرب بأن يكون تملك المنازل لدينا على أعتاب الأربعين من العمر وهذه ظاهرة ينفرد بها السوق العقاري في المملكة عن غيره من الأسواق المحيطة.
لم المغالاة في الأسعار لهذه الدرجة طالما أن الأراضي (منح) أو مشتراة بأسعار رخيصة كأراض خام أو بلكات كما أن أسعار مواد البناء حالياً مقبولة بل إنها متدنية ؟!
عموماً دائماً ما نسمع ونقرأ أن اقتصاد السوق العقاري له دور أساسي في تفعيل محاور المجتمع وطبقاته وسؤالنا هل من حلول يطرحها هذا النظام لتحسين مستوى المعيشة وضمان السكن اللائق للأفراد وخاصة أن الطبقة الوسطى كما ذكرنا في بداية المقال بأنها أصلب قلاع المجتمع.
وفي الختام اقتصاد السوق العقاري ليس سوى رأسمالية في مجتمع مدني نشط وفعال الأمر الذي يمكن من القيام بعملية تنموية حقيقية شاملة ومستدامة بالنسبة للمشاريع السكنية لتلك الطبقة.