لنطالب بمجلس أمن اقتصادي في قمة العشرين

مشاركة المملكة العربية السعودية ممثلة برمز الدولة: خادم الحرمين الشريفين في أعمال هذه القمة وهي تعقد في هذه الظروف الحالكة التي يمر بها الاقتصاد العالمي من إفلاس بنوك عريقة وتعثر الصناعات وتدهور التجارة وشح السيولة وأخطار الانهيارات المالية، لا شك أنها فرصة تاريخية للمملكة لإبراز نموذجها الاقتصادي الرصين وتأكيد ريادتها الاقتصادية والمالية في المنطقة والعالم والحصول على ميزات أكبر من مؤسسات التمويل الدولية وتسهيلات لصادراتها وصادرات الدول العربية للأسواق.
إن كل دولة من الدول العشرين الممثلة سوف يكون لديها رؤية لما يجب أن يتم في المديين القصير والمتوسط وخلاف على التفاصيل ولكنهم يتفقون على الهدف الأساسي وهو السرعة في استقرار الوضع المالي للمصارف وإعادة السيولة والإقراض للنشاطات الاقتصادية لمعاودة النمو العالمي وانسياب التجارة والتمويل ومحاربة الركود وتشجيع العمالة والنمو المستدام وعدم السماح بتكرار ما حدث بعد الاتفاق على أسبابه. أعلنت الولايات المتحدة أنها ستطالب بزيادة موارد صندوق النقد الدولي من مستواها الحالي البالغ 250 مليار دولار وهو ما يستطيع الصندوق الحصول عليه إلى مبلغ 750 مليار دولار، وكذلك تخصيص 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لكل دولة لعمليات تنشيط الاقتصاد من خلال الاتفاق الحكومي والسياسة المالية، وهو أكثر مما يريده الاتحاد الأوروبي الذي يرى أن عمليات التنشيط الحالي كافية وأن هنالك تنشيطا آليا مبنيأ في ميزانيات دوله، أي أن يزيد الإنفاق المالي بنسب تتماشي مع الركود الاقتصادي، وهذا موضوع ربما يهدد سرعة الاتفاق وربما أنه محاولة للمساومة مع الولايات المتحدة.
الصين ستطالب بعدم وجود عراقيل للتصدير وضمانات لودائعها بالدولار تريليونين وكذلك كوريا الجنوبية، كما أن الصين وروسيا والمملكة ستطالب بإصلاح مؤسسات التمويل الدولية كشرط لتقديم تمويل إضافي لها، وستطالب المملكة كما أشارت الصحف العالمية بتطوير عمل المؤسسات الدولية وإعطاء صوت أكبر للدول التي تمدها بالقروض في مراقبة أداء هذه المؤسسات والمشاركة في صنع قراراتها ولا تستخدم من الدول الصناعية لأهداف سياسية أو تجارية، كما أن الدول جميعها تطالب بتحسين الرقابة والإشراف على النظام المصرفي العالمي ولكن بعدم اللجوء إلى هيئة واحدة بل يترك لكل دولة ذلك بالاسترشاد بمعايير يتفق عليها ولا تكون تحت سلطة جهة موحدة.
المملكة العربية السعودية في وضع مميز حيث تملك احتياطيات كبيرة (500 مليار دولار) تكفي لاستيرادها لمدة لا تقل عن خمس سنوات بالمستويات الحالية، كذلك تنتج مادة استراتيجية هي النفط الذي لم ينخفض الطلب عليه قياسا بنسب الانخفاض على الطلب العالمي ويدر دخلا ثابتا حتى في هذه الظروف الصعبة، كما أن لديها نظاما مصرفيا من الدرجة الأولى يتمتع بملاءة مالية تفوق معايير لجنة بازل وغيرها من الميزات الاقتصادية التي تؤهلها للمشاركة الفاعلة مثل استيرادها السنوي من الدول الصناعية بمليارات الدولارات واستثماراتها في الاقتصادات الصناعية واستثمارها في إنتاج البترول بكميات كبيرة وأسعار معتدلة تساعد على النمو والتطور للدول الصناعية، كذلك قروضها الكبيرة لصندوق النقد والبنك الدوليين والمبلغ المقرر صرفه بأكثر من 400 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، الذي أعلن عنه خادم الحرمين الشريفين خلال قمة واشنطن ومعظم هذا المبلغ سيذهب إلى شراء معدات ومستلزمات التنمية من تلك الدول، كما أن مساعدات المملكة التنموية للدول النامية يذهب معظمها إلى الدول الصناعية على شكل مستوردات ومعدات وآلات وأغذية. لكل هذا لا بد أن تطالب المملكة وتحصل على مقابل لهذا الدعم مثل:
ضمانات لودائع المملكة في الغرب، كما تطالب الصين حاليا.
فتح الأسواق أمام صادرات المملكة للدول الغربية وعدم إعاقة ذلك.
عدم استهداف البترول بالضرائب الباهظة أو الشروط الجائرة مثل ضرائب الواردات أو ضريبة الكربون المقررة.
إيقاف السعي في الكونجرس الأمريكي لرفع دعاوى ضد دول الأوبك.
إعطاء ميزات ضريبية للشركات الغربية التي تعمل في المملكة والدول العربية.
عدم استخدام صندوق النقد أو البنك الدوليين من قبل الدول الصناعية لأهداف سياسية أو اقتصادية لها.
إعطاء الدول النامية صوتا أكبر في إدارة شؤون صندوق النقد والبنك الدوليين مقابل دعم تلك المؤسسات.
إصلاح شامل للنظام المالي العالمي ومؤسسات الإشراف والرقابة عليه.
تحسين معايير المحاسبة وشفافيتها.
تشديد الرقابة على مؤسسات التصنيف العالمي ومدققي الحسابات والمراجعة.
توسيع منتدى الاستقرار المالي ليشمل الدول العشرين بدلا من مجموعة السبعة فقط.
تحسين مستوى الشفافية والنزاهة في عمل الشركات والبنوك العالمية.
إنني أكرر الدعوة هنا لما سبق أن ناديت به في الماضي عن أهمية مطالبة المملكة بإنشاء مجلس أمن اقتصادي على غرار مجلس الأمن الحالي يتشكل من مجموعة العشرين ويكون التمثيل فيه حسب الوزن الاقتصادي ومستوى السيولة وعدد السكان للمنطقة التي يمثلها العضو، حيث تركيا والمملكة وإندونيسيا تمثل العالم الإسلامي وذلك للتأكد من عدم تكرار الأزمة الراهنة التي أعتقد أنها ستكون طويلة وستكلف الكثير من الجهد والمال بسبب التردد والتأخير وقلة المبالغ عن المبالغ اللازمة، وسنحتاج إلى مثل هذا المجلس لتوزيع الأدوار ومراقبة النظام المالي والتجاري العالمي والعدالة في ذلك لاستعادة النمو المستدام والاستمرارية له كمؤسسة ضمن مؤسسات الأمم المتحدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي