" الاحتجاج بالكتابة 2 "
في المقال السابق كان الحديث عن الإثبات بالكتابة أمام القضاء، وجرت الإشارة إلى أن الأوراق التي يحتج بها إما ورقة رسمية - وبينا في المقال السابق أحكامها في نظام المرافعات الشرعية -، وأشير في هذا المقال إلى أحكام الاحتجاج بالأوراق العادية أمام القضاء.
وبداية فإن الأوراق العادية هي : كل ورقة تكون موقعة من قبل من صدرت منه أو ختمه أو بصمته، وفي حال وجد فيها محو أو كشط أو ما يشكك في صحتها فللمحكمة تقدير مدى صحة الاحتجاج بها وسؤال من صدرت عنه ليبدي ما يوضح حقيقة ذلك، وجاء في اللائحة أن للمحكمة الحق في اعتبار جزء من الورقة صحيحا ومن ثم تحتج به، وعدم اعتبار الجزء الآخر.
ولأن أكثر ما يرد أمام المحاكم من نزاع بخصوص الأوراق العادية هو إنكار من نُسبت إليه خطه أو توقيعه أو بصمته، فقد أطال نظام المرافعات الشرعية في بيان أحكام ذلك وكيفية التحقق من صحة الورقة، حيث نصت المادة الحادية والأربعون بعد المائة على أنه إذا أنكر من نسب إليه مضمون ما في الورقة خطه أو إمضاءه أو بصمته أو ختمه، أو أنكر ذلك خلفه أو نائبه وكانت الورقة منتجة في النزاع ولم تكف وقائع الدعوى ومستنداتها لاقتناع المحكمة بمدى صحة الخط أو الإمضاء، فللمحكمة إجراء المقارنة تحت إشرافها بوساطة خبير أو أكثر تسميهم في قرار المقارنة.
وفي هذه الحالة فإن المحكمة تقارن الخط والتوقيع ونحوهما على ما هو ثابت من خط للمنكر أو توقيعه، ولو تطلب الأمر أن يتم جلب المستند الذي يوجد فيه الخط أو التوقيع من قبل أي جهة كانت فإن للمحكمة أن تفوض خبير الخطوط بذلك.
وقد ألزم النظام القاضي وكاتبه بالتوقيع على الورقة محل النزاع بما يفيد الاطلاع عليها، ويحرر محضرا في دفتر الضبط يبين فيه حالة الورقة وأوصافها بياناً كافياً ويوقع عليه القاضي والكاتب والخصوم، كما قرر النظام كذلك أنه في حال تخلف الخصم المكلف بالإثبات بغير عذر جاز الحكم بسقوط حقه في الإثبات، وإذا تخلف خصمه جاز اعتبار الأوراق المقدمة للمقارنة صالحة لها.
وقد ورد في المادة 153 بيان أن للمحكمة التقدير المطلق في صحة الأوراق المقدمة أمامها ولو لم يدع فيها بالتزوير فلها الحق باستبعاد أي ورقة يظهر لها من حالتها أو من ظروف الدعوى أنها مزورة، وللمحكمة عدم الأخذ بأي ورقة تشتبه في صحتها، ومع هذا الحق المطلق إلا أن على المحكمة أن تسبب لذلك بذكر الظروف والقرائن التي أخذت بها.
ومن الأحكام المتعلقة بالأوراق العادية والواردة في النظام أنه يجوز لمن بيده ورقة عادية أن يخاصم من تتضمن هذه الورقة حقاً عليه ليقر بها ولو كان الالتزام الوارد فيها غير مستحق الأداء وقت الاختصام ويكون ذلك بدعوى تتبع فيها الإجراءات المعتادة، فإذا حضر المدعى عليه فأقر فعلى المحكمة أن تثبت إقراره، وإن أنكر فتأمر المحكمة بتحقيقها وفقاً للإجراءات السالفة الذكر.
قاض في وزارة العدل