الأبعاد الأخرى لفك الارتباط بالدولار

[email protected]

ازداد الحديث خلال الأشهر الماضية عن أسباب التضخم الكبير الذي تشهده السوق المحلية، وكثر التركيز على أن انخفاض الدولار مقابل العملات الرئيسة يعد سبب الأسباب لما نشهده من تضخم، فمنذ عام 2005 والدولار يشهد تراجع مستمر أمام العملات الرئيسة.
وكثرت التكهنات بخصوص عزم المملكة إعادة النظر في ارتباط الريال بالدولار، خصوصا بعد أن أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي أنها لن تغير سعر الفائدة على الريال السعودي، في رد فعل على قرار بنك الاحتياط الفدرالي الأمريكي بتخفيض أسعار الفائدة، ما تسبب في زيادة المضاربات على الريال.
وفك الارتباط بالدولار إذا ما حدث، فان هناك تبعيات أخرى, بخلاف نسب التضخم, مديري الخزانة ومحللي العملات، كون فك الارتباط بالدولار يعني أن هناك تغييرا في استراتيجيات التعامل مع العملات والاعتماد كليا على التحليل الاقتصادي والمالي للمملكة، بعد أن اعتمدنا في السابق على تحليل المخاطر للدولار الأمريكي، والذي ـ بلا شك ـ يعني الاعتماد على التقارير الأمريكية أو العالمية الخاصة بالدولار.
هذه التقلبات ـ بلا شك ـ تنعكس على مستويات المخاطرة للشركات المنتجة والمصدرة والمستوردة, أي جميع الشركات التي تمثل الدائرة للعملية التجارية، ولذلك فإن أي شركة تحمل في ملفاتها مستوى مخاطرة معينا مرتبطا بحجم ومكان وزمان عملياتها التجارية. ولذلك فإن الشركات الكبيرة والمتعددة الجنسية MNC تملك إدارة خاصة لإدارة المخاطر الناتجة عن فرق العملات تحت جميع الظروف، ولذلك فإن أهم ما تطبقه تلك الشركات هو التحوط ضد مخاطر تقلبات أسعار العملات العالمية, خصوصا التي تتعامل معها الشركة.
والتحوط في العمليات المالية أو ما يسمى إدارة المخاطر المالية، هو أخذ موقع مالي لتقليل المخاطر الناتجة عن الدخول في عمليات تجارية بعملات مختلفة، والهدف من ذلك هو حماية أرباح أو تكاليف الشركة الناتجة عن تغير الأسعار، وهو ما يحدث فعليا على أرض الواقع. فعلى سبيل المثال, الشركات الأوروبية العاملة في اقتصاديات تتعامل بالدولار يجعل إيراداتها تواجه مخاطر تذبذب اليورو أمام الدولار والعكس بالنسبة للشركات الأمريكية.
وتشير أرقام بنك التسويات الدولي The Bank for International Settlements BIS إلى ارتفاع كبير في عمليات التحوط في العملات بين دول العالم. فعلى سبيل المثال, بلغ مجموع عمليات التحوط نحو 40.179 مليار دولار في كانون الأول (ديسمبر) 2006 بينما كانت 29.289 مليار دولار للفترة نفسها من عام 2004. جاءت سوق العقود الآجلة 19.828 مليار دولار لكانون الأول (ديسمبر) 2006، بينما كانت 14.591 مليار دولار للشهر نفسه من عام 2004، بينما تمثل سوق الخيارات للعملات ما مجموعه 9.579 مليار دولار لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2006 بينما كانت 6.115 مليار دولار للشهر نفسه من 2004.
وعند التسليم بهذه الأرقام فإن ذلك يعني أن البيئة التي تعمل فيها أي شركة متقلبة وغير ثابتة، وهذا يأتي بسبب تداخل الأسواق والاقتصاديات العالمية، وبذلك فإن هناك زيادة في تقلبات صرف العملات المرتبطة بالعمليات التجارية العالمية, وكذلك نسب التضخم العالمية وغيرها من مؤثرات الاقتصاد. وهو ما تشير له إحصائيات منظمة التجارة العالمية WTO، أن زيادة حجم الصادرات في العالم تزيد بنسبة الضعف على حجم الإنتاج العالمي، وهذه المؤشرات تدل بوضوح على أن السوق الاقتصادية التي تعمل أي شركة أصبحت عالمية.
الخلاصة، إن فك الارتباط بالنسبة للريال سيجعل من إدارة المخاطر المالية أولوية بالنسبة للشركات السعودية والأجنبية العاملة في المملكة بشكل يقلل من مخاطر تذبذب الريال أمام العملات الأخرى بما فيها الدولار الأمريكي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي