الميزانية والانعكاسات الاستثمارية

[email protected]

يعد العامل الاقتصادي من أهم عوامل اتخاذ قرار الاستثمار فيما يعرف بالتحليل الاستثماري أو ما يعرف بـ PEST analysis وهو اختصار للتحليل السياسي والاقتصادي والاجتماعي والتكنولوجي في دراسات جدوى الاستثمار الأجنبي، هذه الأهمية تأتي كون العامل الاقتصادي يحمل بين طياته مؤشرات تعكس بدقة الوضع الاستثماري من أوجه متعددة منها معدلات الفائدة والتضخم ومعدلات النمو الاقتصادي وخصوصا" النمو لمختلف الصناعات, إضافة إلى انعكاسات ما بين السطور والتي تعطي مؤشرا على استقرار وثبات البيئة الاستثمارية أمام المتغيرات. وعلى ذلك فإن ميزانية المملكة هذا العام حفلت بالكثير من المؤشرات المعنوية لتثبت أن الدولة واقتصادها أقوى من أن تتأثر بالأحداث العابرة, ومن الأرقام المتفائلة التي تعد محفزا "كبيرا" لجذب الاستثمارات لما احتوته من مؤشرات كبيرة تدل على نمو اقتصادي مطرد وعلى مناخ استثماري ملائم من الناحية الاقتصادية, فالناتج المحلي الإجمالي هذا العام 2007 وصل إلى نحو (1.414.000.000.000) ألف و414 مليار ريال بالأسعار الجارية بنمو قدره 7 في المائة عن عام 2006 مما يعطي دلالة على متانة الاقتصاد السعودي وعلى اطمئنان المستقبل الاستثماري فيها. وعلى الطرف الآخر ميزانية متوازنة للعام المقبل 2008 بزيادة قدرها 30 مليارا تركز على بداية خطة تنموية جديدة لتزيد من النظرة التفاؤلية تجاه سنة أخرى من النمو على جميع الأصعدة.

والمتابع لتفاصيل الميزانية يدرك أن الدولة عملت على الوصول إلى هذا المستوى من الأداء الاقتصادي المشجع والمتنامي منذ الخطة الخمسية الأولى عام 1970 والتي هدفت إلى إيجاد اقتصاد متنوع والخروج من بوتقة الاقتصاد الأحادي المعتمد كلياً على النفط كمنتج وحيد, وإيجاد مشاركة ملحوظة في الناتج المحلي من قبل القطاع الخاص بجزئية النفطي وغير النفطي والتي ظهرت هذا العام بزيادة مقدارها 6 في المائة عن العام السابق متلائمة مع التطور التاريخي لمشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي فمن 25.5 في المائة عام 1972 إلى نحو 47 في المائة حاليا" بنمو سنوي يقدر بنحو 6 في المائة وهو نمو متوازن مدروس بشكل يعطي انطباعا إيجابيا عن البيئة الاستثمارية في المملكة لما يمثله النمو الاقتصادي كما أسلفنا من أهمية في تحليل الاستثمار لأي بيئة استثمارية. فالمتابع يدرك أن هذا النمو في القطاع الخاص يحمل مدلولات كبيرة تسهم في ترسيخ انطباع إيجابي عن النمو في مختلف قطاعات الاستثمار, وهو بذلك يعكس مدى الاهتمام الذي توليه الدولة للقطاع الخاص للمشاركة الفعالة في بناء اقتصاد متوازن ومتنوع, وكذلك الفرص المتاحة للمستثمرين المحليين لتطوير قطاعات الإنتاج وما إلى ذلك من دعم مادي ومعنوي يتلقاه هذا القطاع ليكون حجر الأساس لمستقبل أكثر إشراقا لمشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي, ومن جهة أخرى، فإن نمو نسبة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي يدل على إفساح الدولة المجال للقطاع الخاص لقيادة العجلة الاقتصادية للمملكة مع بقاء القطاعات الحكومية بدورها في تسهيل بيئة الأعمال وهو ما يشير إلى ممارسة تنافسية عالية وانفتاح اقتصادي أكبر ينعكس بشكل إيجابي على مجريات الاستثمار في المملكة. هذه النظرة التفاؤلية لمشاركة القطاع الخاص في ميزانية هذا العام تتزامن مع تغيرات كثيرة على المستويين الاقتصادي والمالي الاستثماري واتضح ذلك من خلال تقرير البنك الدولي عن مناخ الاستثمار في المملكة، حيث وضعها في المرتبة 23 بين 178 دولة بعد أن كانت في المرتبة 67 قبل عامين فقط، وكذلك تصنيفها في المرتبة الأولى في الشرق الأوسط في جذب الاستثمارات بقيمة 18 مليار دولار للعام الماضي.
ختاماً، فإن العنصر الاقتصادي الذي تمثله الميزانية العامة للدولة و كذلك الناتج المحلي الإجمالي و مشاركة القطاع الخاص يمثل حجر الأساس في قرارات المستثمرين على جميع مستوياتهم، ولذلك فإن أرقام الميزانية لهذا العام تعطي مؤشرا كبيرا على النمو الاقتصادي المتوازن لأكبر اقتصاد في المنطقة وجاهزيته لاحتضان الكثير من الاستثمارات العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي