أسلوب تخصيص عادل

[email protected]

كتبت في "الاقتصادية" في أيار (مايو) 2006 مقالا بعنوان "لكي ينجح اكتتاب بنك الإنماء" ذكرت فيه أن التوجيه السامي الكريم بطرح 70 في المائة من رأسمال هذا البنك الضخم يظهر حرص قيادتنا الرشيدة على تحقيق صغار المكتتبين أكبر قدر من الاستفادة من هذا الاكتتاب، وهذا لن يكون ممكنا إذا كان التخصيص سيتم وفق الحد الأدنى للاكتتاب البالغ 50 سهم وبعده يطبق نظام النسبة والتناسب. فضخامة عدد الأسهم المطروحة سيجعل جزءا كبيرا من الأسهم المطروحة تخصص وفق نظام النسبة والتناسب وليس وفق الحد الأدنى للتخصيص، ما سيحد من نسبة الأسهم المخصصة لصغار المكتتبين ويخدم مصلحة كبار المكتتبين، وقلت إن الحل الذي سيضمن العدالة ويحقق أكبر قدر من الاستفادة للمواطن العادي هو في أن يبقى الحد الأدنى للاكتتاب عند 50 سهما لكن يرفع الحد الأدنى للتخصيص قبل أن يطبق نظام النسبة والتناسب إلى 500 سهم لكل مكتتب.
لذا فقد سعدت كثيرا بتبني هيئة السوق المالية لهذه الفكرة في إعلانها الخاص في بدء الاكتتاب في شركة الاتصالات المتنقلة "زين" ومصرف الإنماء، حيث حدد الحد الأدنى للاكتتاب بـ 50 سهما للمكتتب، بينما حدد الحد الأدنى للتخصيص قبل أن يطبق نظام النسبة والتناسب بألف سهم في اكتتاب شركة زين وألفي سهم في اكتتاب مصرف الإنماء. ففي ظل ضخامة عدد الأسهم المطروحة في اكتتاب مصرف الإنماء على سبيل المثال، البالغة 1.05 مليار سهم، فإن قواعد الاكتتاب والتخصيص المطبقة في الاكتتابات السابقة لن تكون مناسبة ولا محققة للعدالة، وستتسبب في حال تطبيقها في إعاقة تحقيق هدف القيادة الحكيمة من إقرار طرح هذه النسبة العالية من أسهم المصرف في اكتتاب عام. فهذا الأسلوب في التخصيص سيكون مناسبا ومحققا للعدالة فقط في حال كون عدد الأسهم المطروحة أقل من أن تسمح بوصول عدد الأسهم المخصصة إلى ما يزيد على الحد الأدنى للتخصيص البالغ 50 سهما. أما في حال طرح أسهم اكتتابات ضخمة بحجم مصرف الإنماء، والذي على افتراض اكتتاب 10 ملايين مواطن سيكون التخصيص بالتساوي عند 105 أسهم لكل مكتتب، وترتفع الأسهم المخصصة إلى 210 أسهم في حال اكتتاب 5 ملايين مواطن فقط، فإن هذه القواعد لن تكون مناسبة، وستعيدنا من جديد إلى دوامة التسهيلات البنكية الوهمية التي تغري البنوك من خلالها صغار المكتتبين للحصول على تسهيلات بنكية صورية بحجة زيادة عدد الأسهم المخصصة لهم وفق نظام النسبة والتناسب، بينما الواقع أن كل ما يتحقق لهم هو زيادة كلفة الاكتتاب عليهم واقتطاع البنوك لجزء من أرباحهم منه.
وبوضع حدين مختلفين لكل من الاكتتاب والتخصيص بدلا من حد واحد لكليهما، من خلال إبقاء الحد الأدنى للاكتتاب عند 50 سهما للمكتتب ورفع الحد الأدنى للتخصيص إلى ألف سهم في اكتتاب شركة زين وإلى ألفي سهم في اكتتاب مصرف الإنماء، تتحقق العدالة من جانبين. فبقاء الحد الأدنى للاكتتاب على حاله عند 50 سهما للمكتتب الواحد يضمن عدم إرهاق كاهل صغار المكتتبين بوضع حد أدنى للاكتتاب قد يفوق قدرتهم المالية ويتسبب في الحد من مشاركتهم في هذين الاكتتابين، والحد الأدنى للتخصيص المرتفع نسبيا يضمن أن تتم كامل عملية التخصيص في نطاق الحد الأدنى للتخصيص وليس وفقا لنظام النسبة والتناسب.
بقي أن أشير إلى أن إعلان الهيئة ذكر أن التخصيص في هذين الاكتتابين سيكون على مرحلتين، حيث يخصص في المرحلة الأولى50 سهماً لكل مكتتب، ويخصص في المرحلة الثانية الكمية المطلوبة بكاملها بحد أقصى يبلغ ألف سهم في اكتتاب شركة زين وألفي سهم في اكتتاب مصرف الإنماء، وما تبقى من أسهم تخصص وفق نظام النسبة والتناسب. إلا أنه لكي تكون عملية التخصيص محققة لأكبر قدر من العدالة ومفضلة لصغار المكتتبين، فإن عملية التخصيص يجب أن تكون على 20 مرحلة بالنسبة لاكتتاب شركة زين وعلى 40 مرحلة بالنسبة لاكتتاب مصرف الإنماء، باعتبار أن الاكتتاب يتم بـ 50 سهما أو مضاعفاتها، لا على مرحلتين فقط كما ورد في إعلان الهيئة، وذلك على النحو التالي. في المرحلة الأولى يخصص 50 سهم لكل مكتتب، في المرحلة الثانية يخصص 50 سهما إضافية لكل مكتتب اكتتب بـ 100 سهما أو أكثر، في المرحلة الثالثة يخصص 50 سهما إضافية لكل مكتتب اكتتب بـ 150 سهما أو أكثر، وتستمر مراحل التخصيص بهذه الطريقة إلى أن تخصص كامل الأسهم المطروحة أو نصل إلى الحد الأدنى للتخصيص البالغ ألف سهم في اكتتاب زين وألفي سهم في اكتتاب مصرف الإنماء، حيث يبدأ التخصيص وفق نظام النسبة والتناسب. وبما أنه من المتوقع جدا وفق هذه الطريقة أن تستكمل عملية التخصيص حتى قبل الوصول إلى المرحلة الخامسة في كلا الاكتتابين، في ظل الإقبال الكبير المتوقع عليهما، فإن أي إيضاح إضافي من الهيئة يؤكد اتباع هذا الأسلوب في عملية التخصيص سيسهم أيضا في الحد من اندفاع المكتتبين للاكتتاب بمبالغ كبيرة ويحد بالتالي من تأثير هذين الاكتتابين في السوق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي