والسحرة أيضاً يضحكون ..!

[email protected]

تحولت كغيري منذ أن دخل الشهر الفضيل إلى متابع جيد للدراما التي تعرضها القنوات الفضائية بشكل مكثف يومياً, فمن مسلسل بدوي إلى آخر خليجي إلى دراما تاريخية مروراً بمسلسل مصري تنقضي سهرتي الرمضانية اليومية ثم أخلد للنوم استعداداً ليوم جديد لا يختلف كثيراً عن سابقه إلا في مجريات أحداث هذه المسلسلات!
أمس وبينما كنت أتابع مسلسلاً خليجياً يُعرض على فضائية من أشهر الفضائيات العربية ذهلت من النتائج الفعالة لـ (السحر) كما يصورها هذا المسلسل, واستعذت بالله من الشيطان الرجيم ومن فكرة أن تكون مثل هذه الدراما من ضمن حملة تسويقية للسادة (المشعوذين) أو (المدنبشين) كما يحلو لكثير من الناس تسميتهم.
فكرة المسلسل المذكور تدور حول رجل أعمال ناجح يملك ثروة كبيرة مما يغري عجوزاً شريرة إلى العمل على (سحره) للاستفادة من ثروته والإفساد بينه وبين زوجته بغرض سيطرة ابنتها الجميلة على قلبه!
تبدو الفكرة للوهلة الأولى مستهلكة وتقليدية ولا تختلف كثيراً عمّا تتداوله كثير من القصص الشعبية في منطقة الخليج العربي, لكن الفارق الوحيد أن هذا المسلسل يصور النتائج الفعالة للسحر لحظة بلحظة, مما جعلني أتخيل مشاعر الفرح الكبيرة التي يشعر بها السادة السحرة وهم يتابعون مجريات هذا المسلسل ويستعدون لاستقبال عديد من الزبائن الجدد من ضعاف النفوس.
أحد مشاهد المسلسل يصوّر ابن تلك العجوز الساحرة وهو يتخفى لرش مادة صلبة تشبه التراب على مدخل منزل رجل الأعمال المستهدف, ومشهد آخر يصور الشخص نفسه يرش مادة سائلة أمام باب مكتبه, وفي كلا المشهدين كانت النتيجة خطيرة, فبعد المشهد الأول خطى المسحور بقدمه على المادة الموضوعة على مدخل المنزل وعاد فوراً لتهزئة زوجته المسكينة, وبعد المشهد الثاني لامست قدم الرجل المادة السائلة المسكوبة أمام باب مكتبه فلم يكن منه إلا أن توجه فوراً إلى منزل العجوز التي تقف خلف عملية سحره للاطمئنان على أحوالها وأحوال ابنتها الجميلة التي سلبت قلبه بمساعد عملاء والدتها من الجن!
نعلم جيداً أن السحر مذكور في كتاب الله الكريم في قصة النبي موسى عليه السلام مع فرعون, وفي قصة الملكين في بابل هاروت وماروت, لكن أن يتم تسويقه بهذا الشكل وبطريقة غير مباشرة عبر الدراما التي تظهر فعالية نتائجه, فهذا ما لا يمكنني استساغته أو قبوله!
أتذكر أنه تم منع بث بعض الفضائيات عبر قمري العرب سات والنايل سات قبل فترة لتخصصها في تسويق الشعوذة والضحك على ذقون البسطاء وضعاف الإيمان ولطش أموالهم, فماذا عن تسويق الشعوذة عبر المسلسلات؟
قبل أيام كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء بالصدفة عن ميل بعض الناس لتصديق المشعوذين وتحولهم إلى فرائس لهم, واتفقنا على أن ذلك يعود لأسباب عدّة أهمها ضعف الإيمان, وضعف الثقة بأنفسهم، إضافة إلى يأسهم الداخلي من التغيير في حياتهم, مما يدعوهم إلى الاستعانة بكائنات غير بشرية لإتمام عملية التغيير التي يرغبون فيها, وتطرقنا في حديثنا إلى قصة الملكين في بابل وكيف أن الناس آنذاك أقبلوا عليهما لتعلم (ما يفرقون به بين المرء وزوجه) تحديداً, ليفاجئني ذلك الصديق بسؤال لم أستطع الإجابة عنه!
قال صديقي: إذا كان من أهم وظائف السحر الذي لا يفلح صاحبه من حيث أتى وظيفة التفريق بين الزوجين, فماذا يمكننا أن نسمي من يسعون للتفريق بين هذين الزوجين عن طريق الوشايات وزرع الكراهية بينهما, هل تجوز تسميتهم بالمشعوذين والسحرة؟!
طبعاً يمكنكم الإجابة عن سؤال صديقي نيابة عني, لأنني سأكون مشغولاً طوال هذا الشهر بمتابعة الحملات التسويقية الدرامية ونتائجها الفتاكة!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي