موسم البحث عن رخصة!

بينما كنت أتسكع قبل يومين في أحياء الرياض القديمة تلقيت اتصالاً هاتفياً من صديق مقيم في مدينة الخبر بخصوص مقالي الذي نشر في هذه الزاوية السبت الماضي تحت عنوان (حكاية مواطن مضروب), وبعد السلام والسؤال عن الأحوال الصحية والأحوال الجوية كعادة بقية أبناء وطني أخبرني صديقي أنه قرأ المقال في موقع الاقتصادية الإلكتروني, وفكر بالاتصال بي وقتها لكنه انشغل بما هو أهم من الثرثرة الهاتفية معي, لكن بما أنه يعاني فراغ ما قبل الإفطار فقد قرر أن يملأ هذا الفراغ بصوتي الشجي.
كان صديقي مستاءً مني لأنني لم أذكر حلولاً لمشكلة ارتفاع رسوم رخص القيادة المرورية ولم أوجه رسالة للمسؤولين لإعادة النظر في هذه الرسوم والنظر بعين الرأفة والرحمة للمواطن الغلبان الذي تشكل الرسوم الجديدة ضربة قاصمة لدخل الشهر الذي يفكر فيه بتجديد رخصته, كما أعلن استياءه من اكتفائي بالحديث عن حادثة هامشية لا تهم المجتمع هي ضرب ذلك المواطن المخالف للانظمة والتساؤل عن سعر رخصته, فما كان منّي إلا أن تذمرت معلناً له أنني لا أملك حلولاً سحرية لهذه المشكلة ليقاطعني بقوله: أنا أملك الحل!
توقفت على جانب الطريق بعد جملة صديقي المثيرة لأستمع بتركيز إلى الحل الذي توصل إليه ولكيلا أنال مخالفة لاستخدامي الهاتف أثناء القيادة, فلي حكاية قديمة يشيب لها الولدان مع القسائم المرورية سأحاول أن أحكيها لكم في مقال آخر إن تذكرت!
قال صديقي إنه والكثير من أهالي مدينته بدأوا في أخذ أبنائهم الراغبين في استخراج رخص قيادة إلى دولة البحرين التي لايفصلهم عنها سوى عشرات الكيلومترات للتنزه والتسوق ومشاهدة الأفلام الجديدة في السينما واستخراج رخص القيادة أيضاً, فضحكت ضحكة مجلجلة وأفهمته بأنني لست بحاجة لأن يسخر بي, ولا أن "يشلخ" عليّ و"الشلخ" لمن لا يعرفه مصطلح شعبي يعني الكذب عالي التركيز, لكنّه أصر على صدق حديثه وسألني عن تاريخ انتهاء رخصة القيادة الخاصة بي لأنه ينوي جدياً أن يعزمني على أحد الأفلام السينمائية في بلاد ما وراء الجسر, بحيث تنتهي العزيمة باستخراج رخصة قيادة جديدة من هناك بهدف التوفير, ولا أخفيكم أنني أخذت صاحبي على قدر عقله وأخبرته بأني لن أستغني عن خدماته أبداً وأغلقت الخط لأنهي المكالمة بسلام وبأقل الأضرار الممكنة.
لكن ما جعلني أكتب عن هذه المكالمة الآن هو اكتشافي أنني ظلمت صديقي عندما اتهمته بالشلخ براحة ضمير فقد قرأت قبل قليل خبراً نشرته إحدى صحفنا المحلية تحت عنوان: "هرباً من ارتفاع الرسوم.. مواطنون يستخرجون رخص قيادة خليجية!" ولم أكد أصدق عينيّ عندما وجدت تحت هذا العنوان معلومة جديدة لم أكن أعرفها سابقاً وهي أن النظام يسمح بقيادة السيارات داخل المملكة برخص قيادة خليجية وذلك بعد قرار توحيد العمل في جميع دول الخليج مما جعلني أخرج محفظتي بحثاً عن رخصة القيادة للتأكد من تاريخ انتهائها وأتصل بصديقي الحبيب لأخبره بأنني حريص على الالتقاء به وكلي شوق لرؤية محياه ومشاركته متعة مشاهدة أحد الأفلام الجديدة في السينما, لكنه لم يرد على اتصالي للأسف رغم أنني كررته أكثر من مرة حتى لحظة كتابة هذه الكلمات, وأرجو منه أن يعاود الاتصال بي بعد قراءته هذا المقال لنتناقش في حلول القضايا الأخرى فقد ثبت لي كذب الشاعر الذي قال "وخير صديق في الزمان كتاب" بعد أن اكتشفت أن خير صديق في هذا الزمان صديقي الذي يملك الحلول العملية لكل شيء!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي