فن إدارة خريطة العمليات المعقدة!

اعتدنا السير في ممرات مشاريعنا الكبرى بمنظور المستفيد والمستخدم وهذا طبيعي لنا جميعا كمستخدمين أو مستفيدين من هذه الخدمات، نسير في صالات المطارات في انتظار الرحلات، نزور المستشفيات إما لمواعيدنا أو في زيارة مرضية لقريب، نزور الحرمين الشريفين للعبادة بين العمرة والصلاة والحج، نستخدم شبكة اتصالات منتظمة وشبكة مواصلات ذات جودة عالية، كلها تفاصيل بسيطة خلفها أطنان من العمليات الكبرى المدارة بكوادر متعددة متناثرة يرأسها عباقرة يتسمون بالحنكة الإدارية والفن فالإدارة بذاتها علم يتطلبه فن وذكاء.
كيف لا ونحن في السعودية نقترب من تسيير مليون رحلة جوية سنويا والأرقام مرشحة للزيادة في ظل التوسع في قطاع النقل الجوي.
وكيف لا تتطلب العلميات الضخمة فنا إداريا وخططا موسعة والقطاع الصحي في السعودية يجري أكثر من 300 ألف عملية جراحية سنويا وغيرها من الأرقام الكبرى للقطاعات المختلفة، كل هذه التفاصيل البسيطة يختفي خلفها كم هائل من مجهودات إدارة العمليات الكبرى في جميع القطاعات تتطلب النظر إليها بعين تفصيلية عند أقرب زيادة لأي من مراكز الخدمات الكبرى حيث كل شيء يسير وفقا لجدول زمني صارم متناسق متصل لفهم الطبيعة المعقدة لسير الأعمال.
تتمتع السعودية بمحفظة هائلة من المشاريع والأحداث المنتظرة خلال السنوات العشرة المقبلة، من مشاريع قائمة دائمة كمشاريع نيوم والقدية والكثير على قائمة الحكومة والقطاع الخاص للمشاريع التنموية، والمشاريع الأخرى الزمنية والمرتبطة بأحداث معينة وتوقيت معلوم كاستضافة معرض أكسبو 2030 في الرياض واستضافة كأس العالم 2034 في السعودية، بفضل من الله وعزم القيادة على إتمام هذه المشاريع فإن القائمة تطول والقادم أكبر وأكثر اتساعا على أرض السعودية. بطبيعة الحال كلما اتسعت قاعدة المشاريع يزيد الاحتياج إلى رفع معدلات التجانس والانسجام في القطاعات ذاتها والقطاعات الأخرى المرتبطة بها من الجدول الزمني إلى الموارد والضخ المالي وهذا التناغم لوحده عالم كامل مستقل بذاته.
بفضل من الله وعزم القيادة على التنمية والتغيير نعيش في السعودية هذا النمو الملحوظ في الاقتصاد والقطاعات وإضافة إلى ذلك لم تكتف الحكومة بقطاعاتها القائمة وتطويرها لوحدها، بل عمدت الخطط إلى استقطاب المعارف وإدخال قطاعات جديدة إلى القاعدة الاقتصادية السعودية في مجالات مختلفة كقطاع صناعة السيارات، مراكز البيانات، تقنيات الذكاء الاصطناعي وعدد آخر من القطاعات الجديدة تقنية أو صناعية.
إن هذه الأنشطة التي تبنيها السعودية ستتطلب مع الوقت بناء كوادر تتمتع بفن إداري عال لإنجاح خريطة العمليات الخاصة بإدارة هذه المشاريع والتأكد من ديمومة أعمالها المستمرة، يستطيع المتابع لما يحدث على الأرض في السعودية استشعار النقص المستقبلي المتوقع للكوادر الماهرة ذات اللمسات الفنية لإدارة شبكة العمليات الضخمة، ففي جانب هي علم قائم بذاته وله نظرياته وطرقها التي تنفذ من خلالها، ومن جهة أخرى هو علم كذلك يتطلب لمسات فنية وذكية تحافظ على جريان دورة الأعمال في أي من المشاريع الحالية والمترقبة.
إن الإشارة إلى النقص المتوقع في كوادر إدارة العمليات الضخمة المستقبلي لا يعني أننا اليوم نفتقده على الأرض، فمشاريعنا الكبرى العاملة تدار بأيدينا وإنما هو تحسس لفرصة وتنبيه لفجوة في مقابل ما نراه أمامنا من مشاريع جديدة ستدخل حيز العمل في السنوات المقبلة على الأقل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي