باراك أوباما والقضية الفلسطينية
بعكس الإيجابيات التي وردت في نهج باراك أوباما تجاه العراق، فإن السلبيات في فلسفته تجاه القضية الفلسطينية قد طغت وزادت على الإيجابيات.
لقد كشف المرشح الديمقراطي عن سياسته تلك، في عدد من المناسبات والتي كان منها اثنتان وجه الحديث فيهما إلى جمهور يهودي (في أغلبيته). حيث أتت الأولى في خطابه في كنيس يهودي بمدينة فيلاديلفيا في أبريل 2008، وأتت الثانية في خطابه أمام مؤتمر"أيباك" في يونيو نفسه العام.
يمكن تلخيص ثلاث نقاط تعتبر إيجابية في هذا الصدد. الأولى منها متمثلة في إعلانه - وربما إصراره- على تفعيل عملية السلام في الأيام الأولى من رئاسته، وأنه لن ينتظر حتى نهاية ولايته مثل ما فعل الجمهوريون. والثانية في تأكيده على ضرورة إيجاد حل الدولتين واللتين إحداهما - بالطبع- الدولة الفلسطينية. والثالثة في مطالبته إسرائيل بضرورة تجميد بناء المستوطنات؛ وهو الإعلان الذي لم يقابله الجمهور اليهودي (في مؤتمر أيباك) بالتصفيق.
ورد عديد من النقاط السلبية في سياسة أوباما تجاه المسألة الفلسطينية، حيث وردت أولاها في تعهده بضمان "أمن إسرائيل" وتفوقها العسكري النوعي في الشرق الأوسط وقدرتها على الدفاع عن نفسها ضد أي هجوم تتعرض له. وورد ثانيتها في تعهده بالعمل - في حالة فوزه- على توقيع مذكرة تفاهم تقضي بدعم إسرائيل بثلاثين مليار دولار خلال العشر سنوات القادمة. وأتت السلبية الثالثة من خلال وعده بمواصلة استخدام حق النقض Veto في مجلس الأمن ضد أي قرار يتعارض مع مصالح إسرائيل. وتجلت السلبية الرابعة في رفضه مبدأ التفاوض مع بعض التيارات الفلسطينية؛ مثل رفضه فكرة التفاوض مع حماس.
بجانب كل هذا ورد عدد آخر من السلبيات، التي كان أبرزها متعلقا بمدينة القدس، حيث أوضح أوباما، أنه في الوقت الذي يؤيد فيه توصل طرفي النزاع إلى اتفاق بشأن مستقبل القدس؛ فأنه يرى بأن إعادتها إلى وضعها المقسم قبل احتلال عام 1967 تعتبر - حسب وجهة نظره- "خيارا غير مقبول". وهو بذلك يميل إلى أن تكون القدس ـ لا قدر الله - عاصمة غير مقسمة للدولة العبرية.
قد تعود أسباب طغيان السلبيات على الإيجابيات هنا لعدة اعتبارات؛ فمن ناحية أتى طرح جل هذا البرنامج أمام جمهور يهودي، ومن ناحية أخرى أتى الطرح نفسه ربما لاستمالة أصوات اليهود الأمريكان لمصلحة أوباما. يبقى القول إنه في حالة عدم جدوى هذه الاستمالة، وفي حالة فوز أوباما -ربما- عن طريق ترجيح أصوات التيارات الأخرى، التي من ضمنها أصوات المسلمين والعرب الأمريكان؛ فإن هذا قد يجعلنا نتساءل حول إمكانية إعادة تقييم هذا التوجه.