(فساد.كوم) أم (نصب.نت)..؟!
تنتشر في الشبكة العنكبوتية عشرات المواقع الخدمية التي تقوم بدور الوسيط في عمليات البيع والشراء وتقديم الخدمات المختلفة للباحثين عنها بمقابل مادي. وتحظى هذه المواقع بجماهيرية كبيرة من قبل مستخدمي الشبكة العنكبوتية في السعودية بحسب الإحصائيات التي تقدمها مواقع عالمية معروفة كموقع (الكسا) الذي يحدد عدد زيارات أي موقع من أي دولة في العالم ويعقد مقارنة بين أعداد زوار الموقع خلال فترات زمنية متعددة.
طبعاً لا يمكن لأحد أن ينكر فوائد المواقع الخدمية التي تقوم مقام الأسواق وتوفر الجهد على البائع والمشتري، فبضغطة زر يمكن لأي منّا أن يشتري سلعة من اليابان وينتقل لشراء سلعة أخرى من فرنسا خلال دقائق, لكن ليس هذا ما أود التحدث عنه اليوم وإنما أتحدث عن المواقع الخدمية التجارية السعودية، ونوعية الخدمات الفنتازية المعروضة فيها, ففي هذه المواقع ليس بمستغرب أبداً أن تجد إعلاناً يفيد صاحبه الذي وضع رقم جواله تحت اسمه (الحركي) بأنه قادر على نقل زوجتك أو ابنتك المعلمة من القرية التي ألقت بها وزارة التربية والتعليم فيها إلى المدرسة المجاورة لمنزلك مقابل 50 ألف ريال مثلاً, وهو مستعد لتقديم كل الضمانات على ذلك, وقد اطلعت بنفسي قبل فترة على إعلان يشير صاحبه إلى أنه قادر على استصدار السجلات التجارية حتى وإن كانت الشروط غير منطبقة على طالب السجل مقابل مبلغ زهيد من المال، لتنهال عليه بعد ذلك الطلبات من جميع المناطق، والغريب في الموضوع أن لا أحد من الذين أرسلوا إليه طلباتهم عاد ليتهمه بالنصب مثلاً أو بالمماطلة في تنفيذ وعده بتخليص المعاملة.. فما السر في ذلك يا ترى؟!
إعلان آخر يبحث صاحبه عمن يستطيع مساعدته في تسريع عملية حصوله على القرض العقاري الذي ينتظره منذ سنوات, وقبل أن تمر ساعة على نزول الإعلان يرد شخص آخر عليه طالباً منه الاتصال على جواله لأنه يستطيع أن يقدم له هذه الخدمة مقابل 30 ألفا (ريال ينطح ريال)!
وإعلان آخر يعرض صاحبه ألف تأشيرة استقدام من دولة معينة للبيع, ولا ينسى أن يشير إلى أنه قادر على استخراج أي عدد من التأشيرات للراغبين في ذلك بمقابل مادي على كل تأشيرة, لتنهال عليه طلبات الزبائن من داخل المملكة وخارجها, التي من أطرفها طلب أحدهم استخراج تأشيرة لاستقدام خادمة من دولة عربية لأنها زوجته, رغم أن أوراقه الرسمية تؤكد أنه أعزب وهو أمر يمنعه نظاماً من استقدام خادمة على كفالته!
إن الزائر لمثل هذه المواقع سيشاهد الكثير من الإعلانات التي يدعي أصحابها أنهم يتمتعون بقوى خارقة لجميع الأنظمة والإجراءات, وسيرى بنفسه مدى إقبال الزبائن الافتراضيين على هذه الخدمات غير النظامية, مما يدعوني للتساؤل عن حقيقة هذه الإعلانات وعن هويات الأشخاص الذين يقفون خلف هذه المواقع وهل هم خارج حدود المساءلة القانونية, فإن كانوا مجموعة من النصابين فلابد من تتبعهم قانونياً من قبل السلطات ومحاسبتهم على ذلك, وعلى الجهة الرقابية على شبكة الإنترنت حجب مثل هذه المواقع وهو أضعف الإيمان, فلم يعد الحجب وسيلة كافية في هذا الزمن لمنع تصفح أي موقع في ظل وجود مئات البرامج الكاسرة للحجب, أما إن كان أصحاب هذه الإعلانات يكشفون بإعلاناتهم عن فساد حقيقي موجود في بعض الدوائر والجهات فلابد أيضاً من تتبعهم ومحاكمة كل متورط في هذه المعاملات التي تسيء لسمعة الوطن قبل كل شيء.