القضية السنوية للألعاب النارية

[email protected]

في كل عيد يمر علينا المشهد نفسه بالتفاصيل نفسها واللاعبين أنفسهم، نساء وأطفال تفترش أرصفة الأسواق تضع أمامها أنواعا لا تحصى وأسماء لا تخفى لألعاب نارية مختلفة الأحجام والأشكال باختلاف إزعاجها وخطرها. وتجد المتسوقين يقضون أمامها أوقاتا أكثر من محال التسوق التي جاءوا من أجلها بخلاف من جاء خصيصا لشراء ألعاب العيد لأطفاله ومن في حكمهم، ولك أن تتصور مشاهد المفاوضات السعرية والإقناع والفرح في وجه الجميع. ليأتي المشهد الأكثر سخونة عندما تقوم البلدية مدعومة بالشرطة بعملية دهم مفاجئة، ليختلط الحابل بالنابل والبائعات منهن من يهربن ومنهن من يتمسك ببضاعتها ومحظوظ من الأطفال من اشترى حاجته قبل عملية الد هم ووصول الجيش العرمرم.
ويمر هذا المشهد سنويا ويذهب، وتبقى الأسئلة الحائرة، هل الألعاب النارية ممنوعة؟ أم أن طريقة بيعها ممنوعة نظاما؟ كبائع الخضار على جنب الطريق والذي يجب أن يكون له محل أو مبسط في سوق الخضار!! أم هي ممنوعة مثل (الدشوش) وتظليلة السيارات في سابق الأزمان؟
في النهاية هي ممنوعة، ولكن الكميات التي تتداول هي كميات تجارية وليست كميات استهلاكية، كيف أمكن لمثل هذه الكميات أن تدخل إلى أرض الوطن إذا كانت ممنوعة؟
إذا كانت ممنوعة، فمن أين مصدرها؟ هذه لا تصنع محلياً، إذن هي مستوردة! متى؟ ومن أين؟
لماذا يتم مصادرة بضاعة البائعين ولا تصادر بضاعة تجار الجملة أو نغلق المصدر؟ نعم لماذا نغلق النوافذ الصغيرة إذا كان الباب مفتوحا؟
إن هذا الموضوع يطرح الكثير من الأسئلة عن إشكاليات موجودة في المجتمع، ولا تجد من يبرر هذا المنع لكثير من البضائع التي يعرفها الصغير والكبير وتمثل ازدواجية كبيرة في التعامل معها. والأسئلة التي طرحتها ليست وليدة اليوم أو عصارة فكري الشخصي، بل هي أسئلة تدور في عقول الكثير منا ونكاد نغض الطرف عن الخوض فيها بلا سبب واضح. نعم فالمثال الذي نسوقه اليوم عن الألعاب النارية هو مثال حي يشهده الجميع لعملية تجارية ممنوعة ولكنها موجودة على أرض الواقع نمر بها بشكل يومي ومنا من يمارسها بعفوية. وهنا لا ألمز و أغمز على مصلحة الجمارك كجهة مسؤولة عن حماية حدود البلد التجارية. بل الموضوع يحتاج إلى بحث يتعدى مصلحة الجمارك ليشمل أجهزة أمنية وتنظيمية ورقابية يمثل هذا المثال جزءا لا يتجزأ من مسؤولياتها تجاه الوطن وتجاه أمواله ومدخراته وتجاه فلذات أكبادنا الذين تستقبلهم أقسام الطوارئ في المستشفيات كل عام خلال هذا الموسم.
وعندما قلت إنها عملية تجارية، فإن القصد هو أن هذه الألعاب تباع بأضعاف أضعاف ثمنها والسبب أنها ممنوعة والباعة إضافة إلى هامش الربح الكبير الذي يضيفونه إلى سعر شراء الجملة في مثل هذا الموسم فإنهم يضيفون بدلات مستحقة أو غير مستحقة مثل بدل ندرة وبدل خطر وبدل مطاردات، ونحن ندفع الثمن المضاعف لإرضاء أطفالنا، أكاد أجزم أنها تقدر بالملايين من الريالات في كل موسم. وللتأكيد على أن المنع مقنن، لكم أن تحصوا الكميات الكبيرة التي يتم تداولها منذ بداية شهر رمضان إلى أيام العيد كموسم تجاري مهم لتجارة الألعاب النارية، نحن نتحدث عن أطنان من المفرقعات لا يمكن إدخالها إلى الوطن في حقائب مسافرين أو بريد دولي.
لقد أصبح هذا الموضوع ممل لكثرة تكراره سنوياً، أصبحت الشفافية مطلوبة في طرح مثل هذه القضايا ويجب علينا التجرد عند الحديث عنها والبعد عن تصنع المثالية ورمي المسؤولية على الآخرين لأننا نعلم جميعاً أن هناك خللا في نقاش الموضوع أو أنه يصل إلى طريق مسدود.

مصلحة الوطن فوق كل المصالح، لأنه الوطن

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي