تطوير المناهج التعليمية ليس حلاً !

[email protected]

يحاول أحد الأصدقاء أن يجد (واسطة) من العيار الثقيل ليتمكن حسب قوله من نقل ابنه الذي لم يتجاوز التاسعة من عمره إلى مدرسة أجنبية, فهو رجل مقتنع تماماً بأن المدارس الأجنبية العاملة في المملكة تخرج سنوياً طلاباً أفضل بكثير من الناحية العلمية ومتطلبات سوق العمل من الطلاب الذين تخرجهم المدارس الحكومية والأهلية أيضاً، نظراً لكون المناهج التي تدرسها تلك المدارس بجانب طرق التدريس الممارسة فيها متطورة بشكل كبير وتكسب الطالب مهارات لن يتمكن من اكتسابها من مناهج التعليم العام.
ولا أخفيكم أنني حاولت إفهامه بأن لا واسطة تجدي في موضوع كهذا, فالنظام واضح حسب علمي ومن الصعب تجاوزه, لكنه أصر على استكمال عملية البحث عن الواسطة دون أن يلقي بالاً لحديثي, وهو أمر جعلني أستمتع بالتشفي فيه أثناء اتصالاته الهاتفية بكثير من الأشخاص الذين اعتذروا له بلطف موضحين أنهم لا يعرفون أي (واسطة) بإمكانها أن تحل مشكلته.
وكما فشلت فشلاً ذريعاً في إقناعه بأن مناهجنا التعليمية وطرق التدريس في مدارسنا لا بأس بها, فشل صديقي في إيجاد مطلبه, وأخذ يرعد ويزبد حتى أنه قفز وأحضر جهاز الكمبيوتر الخاص به مقرراً كتابة معاريض إلى كل المسؤولين للتدخل لحل هذه المشكلة التي (طيّرت النوم من عينه)!
تدركون جيداً أن أمثال صديقي كُثر, فمخرجات التعليم العام لدينا على مدى سنوات طويلة – في رأي الكثير من الناس وأنا أحدهم- لم تتمكن من مجاراة متطلبات سوق العمل ولا حتى تخريج طلاب بمهارات عالية تمكنهم من الانخراط في التعليم الجامعي المتخصص خارج المملكة دون دورات تأهيلية تسبق ذلك, ولنأخذ على هذه المشكلة مثالاً يوضح ما أتحدث عنه, فالطالب في المملكة يدرس اللغة الإنجليزية لمدة سبع سنوات حتى تخرجه في المرحلة الثانوية باعتبار أن اللغة الإنجليزية أصبحت تُدرّس في مدارسنا الحكومية ابتداءً من الصف السادس الابتدائي, لكن كم طالباً من معارفكم أو أقاربكم أو معارف أقاربكم يستطيع التحدث والكتابة باللغة الإنجليزية بشكل جيد اعتماداً على ما درسه في تلك السنوات السبع؟!
الإجابة معروفة ولا داعي لأن نضحك على أنفسنا, فأغلب خريجي المرحلة الثانوية لدينا سيقفون عاجزين عن محادثة أي عابر في أي شارع قرر أن يسألهم عن عنوان محدد بهذه اللغة!
الغريب في الموضوع أن معاهد اللغة الإنجليزية الخاصة والمنتشرة في كل مكان يمكنها أن تجعل من الطالب بحسب الوصف العامي (بلبلاً) في هذه اللغة خلال أشهر معدودة, بينما عجز التعليم النظامي خلال سبع سنوات عن الوصول لهذه النتيجة.
إن تطوير مناهجنا التعليمية بالطريقة المعمول بها الآن، التي لا تعدو عن كونها زيادة لعدد صفحات الكتب, بجانب تزيينها بعدد من الصور ليس حلاً للمشكلة, ولا يمكن أن ينتج عن هذه العملية جيل جديد من الطلاب أفضل من الجيل الذي سبقه, فالمشكلة ليست متعلقة بالمناهج فقط وإنما في طرق ووسائل التدريس، إضافة إلى البيئة التعليمية التي أكل عليها الدهر وشرب ونام أيضاً !
إنني أتساءل بحق عن الأسباب التي تمنع وزارة التربية والتعليم من الاعتراف بأن تطوير المناهج لم يقدم الفائدة المرجوة منه, وأن هذه المناهج بحاجة إلى إعادة بناء من جديد مستفيدة من مناهج التعليم العام في الكثير من الدول المتقدمة حتى إن استلزم الأمر استدعاء خبراء في التعليم وطرق التدريس من اليابان وأوروبا وأمريكا, ليشرفوا على إعادة بنائها بما يتوافق مع متطلبات العصر الذي نعيشه, وهو أمر ليس بالصعب إن اقتنعت الوزارة بأن مخرجات التعليم العام هي الحكم في هذه القضية!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي