ألا يستحق علي الشراري منا التكريم؟

علي الشراري شخص عادي، وقد لا يقرأ كلماتي، استطاع بإيمانه بقضاء الله وقدره، وطيبته، أن يسهم فيما يشبه ليلة القدر في السابع والعشرين من رمضان من 1426هــ, بأن تتنزل على داهس ابنيه والعفو عنه وإخراجه من السجن.
تبدأ القصة من استماع الشراري لداهس ابنيه وسؤاله عن زواره في السجن، ليفيد بأن الشخص الوحيد الذي يقوم بزيارته أخته وليس له غيرها ولا لها غيره بعد الله سبحانه وتعالى.
إنني في هذه المساحة الإعلامية المتاحة لي، أطلب من الجميع تكريم هذا الشخص والدعاء له بأن يعوضه الله خيرا ويجعل ابنيه شفيعين له في الجنة ويرزقه من واسع فضله علما وذرية صالحة.
نحن لن نعوّض هذين الوالدين عن ابنيهما اللذين فقداهما ولن نستطيع أن نقدم لهما شيئا، لكن دعاؤنا ودعمنا المعنوي لهما سيسهمان في التقليل من حزنهما، وتشجيع غيرهما على القيام بالأعمال الإنسانية النبيلة وطلب وجه الله، وكذلك سيسهمان في التذكير بالأخلاق الحميدة والعفو عند المقدرة، رغم المصاب، مما سيسهم في العودة إلى الجذور الطيبة لهذا المجتمع، في ظل متاجرة البعض بدماء أبنائهم التي تصل، في بعض الأحيان، إلى عشرات الملايين.
المتاجرة بالدم بلاء وظاهرة أصيب بها البعض في مجتمعنا، ولا أعرف السبب وراء ذلك، هل هو للتعجيز، أم للمتاجرة، أم للتعويض النفسي، أم ماذا؟ حقيقة ليس ليّ علم بذلك.
لكنني مقتنع أنه مهما بلغت الأرقام وعدد الملايين من الحجم والكبر، فإنها لا تساوي إصبعا من أصابع فلذات أكبادنا، فضلا عن المتاجرة بدمه.
كم أتمنى من كل قلبي أن يتم تكريم هذا الإنسان، إذا وافق، وزرع روح العفو، التسامح، والتعاون داخل المجتمع، خاصة أن الخير متأصل في مجتمعنا، والدليل أننا في حالة إعتاق الرقبة يبذل أهل الخير الملايين طلبا لوجه الله دون سواه ودون التصريح بأسمائهم في الكثير من الحالات.
إنني أجد أن تكريم هذا الإنسان من الواجبات، قد يرى البعض غير ذلك، التي يجب أن نبادر بها ومسؤولية تقع علينا، كل حسب موقعه، تجاه المجتمع قبل أن تكون تكريما للشخص ذاته، حيث يعتبر تكريما للأخلاق الحميدة.
لا يداخلني أدنى شك في أن الجميع، وعلى رأسهم ولاة الأمر، سيشاركون في هذا التكريم، متى وصلهم الخبر والمعلومة التي تفيد بنبل هذا الإنسان وقدرته على مواجهة الرغبة بالانتقام، وتحويل الليلة المباركة إلى ليلة تشبه ليلة القدر على ذلك الشخص وأخته الوحيدة التي كانت تتكبد الصعاب في سبيل الوصول إلى زيارته.
كما أنني على ثقة بأن الشراري لم يكن يعلم بحالة تلك الفتاة وأخيها، ومن واقع خلقه وأخلاقه، نستطيع أن نستنتج أنه، لو علم بذلك، فلن يتوارى بالمبادرة بالعفو وإطلاق سراح الفتى قبل ذلك الوقت بكثير.
قد يستغرب الشراري أنني أكتب عنه، لكن ما قام به من عمل إنساني وأخلاق حميدة، يتناقله الكثير بالثناء عليه والدعاء له بأن يعوضه الله خيرا في الدنيا والآخرة وأن يرزقه الله الذرية الصالحة، وكذلك والدتهم الكريمة التي لا أشك في نبل أخلاقها، نظرا لأن الله, سبحانه وتعالى, أبلغنا في كتابه الكريم أن الطيبين للطيبات.
أحببت في هذه المساحة، أن أدعو إلى تكريم هذا الإنسان، والدعاء له، والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي