الاكتتابات الأولية وعلاوة الإصدار
<a href="[email protected]">[email protected]</a>
تشير بعض التقديرات إلى أن حجم الإصدارات الأولية المقرر طرحها في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات الثلاث المقبلة في حدود 50 مليار ريال حصيلة اكتتاب ما لا يقل عن 120 شركة، منها 80 شركة سعودية. كما أن الدكتور فهد المبارك أشار في اللقاء السنوي للجمعية السعودية للمحاسبة إلى أن عمليات الطرح المعلنة في المملكة لعام 2006 تبلغ 72 شركة. وبالطبع فإنه يوجد ما بين الـ 72 شركة هذه عدد من الشركات العائلية / الخاصة التي من المفترض أن يتم طرحها بعلاوة إصدار. كما أن تقديرات أخرى تشير إلى أن عدد الشركات الخاصة المتوقع طرحها للاكتتاب العام خلال عام 2006م يبلغ 16 شركة تقريباً. ولا شك أن هذا الكم الهائل من الشركات الخاصة الراغبة في الدخول لسوق الأسهم من خلال طرح جزء من ملكيتها للاكتتاب العام يجعل تحديد علاوة الإصدار أحد التحديات المستقبلية لسوق الأسهم. وعلى الرغم من أن تحديد علاوة الإصدار عملية مهنية ذات صبغة محاسبية وفنية إلا أن مخرجات هذه العملية من الأمور التي تثير عددا من التساؤلات. ومن هذا المنطلق ولأهمية هذا الموضوع فسوف نستعرض باختصار أهم ملامح عملية تحديد علاوة الإصدار.
وبالنظر إلى عملية تحديد العلاوة فإن الأطراف الرئيسة في العملية هي أربعة أطراف رئيسية يأتي في مقدمتها الشركة وملاكها الحاليون، والمستشار المالي (مدير الاكتتاب)، والمكتتبون، وأخيراً هيئة السوق المالية. وبالرغم من الاعتقاد السائد بأن إدارة الشركة تسعى إلى تغليب مصالحها بزيادة العلاوة على اعتبار أن الاكتتاب يحدث مرة واحدة في عمر الشركة، إلا مدير الاكتتاب - على الطرف الآخر- يفترض أن يحرص على أن يكون السعر المحدد أقل من القيمة الحقيقية كنوع من الوقاية ضد المسؤولية القانونية التي يمكن أن يتعرض لها وكحماية لسمعته في حال تعرض القيمة السوقية للسهم الجديد إلى انخفاض حاد عند إدراجه في السوق.
ومن الأمور ذات العلاقة بتحديد علاوة الإصدار ضرورة التفرقة بين التقييم والتسعير، فالتقييم هو عملية مهنية فنية تنطوي على تضافر مجموعة من الخبرات والمعارف والجهود. كما أن التقييم يعتبر نشاطا محاسبيا غير تقليدي ينطوي على جهد فني وتقدير موضوعي لصافي الأصول، آخذا في الاعتبار الأصول الملموسة وغير الملموسة (كالشهرة وحقوق الامتياز) والفرص المستقبلية للشركة في حالة إحداث تغيرات هيكلية في استراتيجيات المنشأة.
أما السعر فهو القيمة النهائية الذي تتم به الصفقة. والسعر لا يعكس تماما القيمة التي تم التوصل إليها في عملية التقييم. كما أن السعر يخضع في تحديده إلى عدة عوامل يمكن تلخيصها في : (1) القيمة الحقيقية للمنشأة ، وتتمثل في القيمة التي تستحقها المنشأة دون تأثير لأي عوامل أخري ، (2) العوامل المرتبطة بمناخ الاستثمار العام والظروف السياسية والاقتصادية الحالية والمتوقعة ، (3) العوامل السيكولوجية : حاجة المشتري لإتمام الصفقة بصرف النظر عن العوامل الأخرى.
ومن أهم الأمور التي ينبغي للمستثمر (المكتتب) أن يأخذها في الاعتبار هو أن التقييم المحاسبي التقليدي من القوائم المالية لا يعكس القيمة الحقيقية للمنشأة، حيث إن القوائم المالية التاريخية المنشورة لا تأخذ في الاعتبار القيمة الجارية لأصول المنشأة، ولا تعترف بالأصول المعنوية للمنشأة كالشهرة، ولا تأخذ في الاعتبار الفرص المستقبلية لنمو المنشأة. أما من ناحية المداخل المحاسبية المستخدمة لتقييم المنشآت (الشركات) فإنه توجد ثلاثة مداخل للتقييم هي: مدخل السوق، ومدخل خصم الربح، ومدخل تقييم الأصول والخصوم. ونظراً لاختلاف آليات هذه المداخل وصعوبتها، فسوف نؤجل الحديث عنها في حديث لاحق.
* قسم المحاسبة ـ جامعة الملك سعود