منافسة معالي رجال الأعمال للقطاع الخاص
<a href="mailto:[email protected]">abdullahbinmahfouz@gmail.com</a>
أحدث تعيين رجال الأعمال من القطاع الخاص في الفترة الأخيرة بمرتبة وزير نقلة نوعية في العمل الحكومي، حيث عملت الحكومة على الاستفادة من خبراتهم وإنجازاتهم ووضعهم في مراكز قيادية، مثل أمانة مكة وجدة وكذلك في عضوية مجلس الوزراء وآخرها في الهيئة العامة للاستثمار. فكان تعيين الدكتور خالد نحاس أمين العاصمة المقدسة يمثل اللبنة الأولى لمجموعة من رجال الأعمال لتقلد مراكز مهمة، تبعه المهندس عبد الله المعلمي أمين مدينة جدة السابق الذي أصبح حاليا رئيس غرفة بيت التجارة جدة، وكذلك المهندس عادل فقيه الرئيس السابق لغرفة جدة الذي أصبح أمين مدينة جدة. استطاع معالي رجال الأعمال تطوير قسم الاستثمارات من خلال إدارتهم الأمانة، إضافة إلى وضع استراتيجية عمرانية ثابتة لكلتا المدينتين بكل شفافية ووضوح وبعيدا عن المحسوبية والبيروقراطية، كما يعتبر تعيين رئيس غرفة جدة السابق الأستاذ عبد الله زينل وزير دولة وعضوا في مجلس الوزراء الذي شارك في مناقشات اتفاقية منظمة التجارة العالمية وتعيين الأستاذ عمرو دباغ دليلاً واضحاً في سياسة الحكومة لاستقطاب رؤساء وأعضاء الغرف التجارية وتفعيلهم للمشاركة في العمل الحكومي.
كانت هذه مقدمتي للدخول في دور مهم للهيئة العامة للاستثمار التي أصبحت منافساً إيجابياً مع القطاع الخاص في دفع عجلة الاستثمار الداخلي واستقطاب الاستثمارات الخارجية. فقد استطاعت هيئة الاستثمار تطبيق الأنظمة والإجراءات ومتطلبات المناخ الاستثماري الصحي الجاذب للاستثمار وخاصة في عصر العولمة الاقتصادي الذي يشهد منافسة عالمية. ونجحت في تعريف المستثمرين الأجانب بالمشاريع الاستثمارية التي يمكن استغلالها في السعودية خاصة المشاريع الاستثمارية العملاقة، مثل مشاريع الطاقة والبتروكيماويات.
وبلغ حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة إلى السعودية حتى نهاية عام 2005 نحو 98 مليار ريال. مع العلم بأن معظم الاستثمارات الأجنبية قد تمركزت خلال عام 2005 في القطاع الصناعي وكانت أهم الدول المستثمرة حتى نهاية عام 2005 هي الولايات المتحدة باستثمارات بلغت 35.34 مليار ريال في 265 مشروعا، اليابان بـ 17.15 مليار ريال في 35 مشروعا، والإمارات بـ 11.68 مليار ريال في 84 مشروعاً. هذا التطور الكبير سببه الرئيسي اهتمام الحكومة السعودية بتوفير المناخ الاستثماري الإيجابي والظروف المواتية للمستثمر المحلي الذي انعكس بشكل إيجابي على المستثمر الأجنبي أيضا. ولقد استطاعت هيئة الاستثمار القيام بدورها المطلوب في كسب ثقة المجموعة الاستثمارية الدولية وزيادة فرص التنويع الاقتصادي وتوطين التقنيات الحديثة في البلاد واستطاعت أيضا في السنوات الأخيرة أن تروج السعودية بشكل كبير وذلك بعد أن شهدت الاستثمارات الأجنبية تراجعا كبيرا عقب موجة الهجمات الإرهابية التي شهدتها.
إن أهمية عمل الهيئة على إبرام اتفاقيات دولية مع دول العالم وخاصة مع جميع دول منظمة التعاون الاقتصادي "30 دولة"، إضافة إلى إبرام قوانين طبقت حديثا تشجع تدفق الاستثمار الأجنبي وتم منح الفرصة للمستثمرين الأجانب لتملك 100 في المائة من مشروعاتهم الاستثمارية, ومن خلال دعم منشآت القطاع الصناعي ومنحها فترات إعفاء جمركي أطول وقيام الحكومة بتخفيض الضرائب على أرباح الشركات الأجنبية من 45 إلى 20 في المائة، والسماح للمستثمرين الأجانب بإعادة كل رأسمالهم وأرباحهم والفوائد المترتبة عليها إلى بلدهم الأصلي، والسماح للحصول على قروض صناعية بشروط ميسرة من صندوق التنمية الصناعية السعودي وهيئات الإقراض الأخرى. وقد أسهمت إعادة هيكلة المدن الصناعية المتكاملة في زيادة حجم تدفق الاستثمارات السعودية، لأنها توفر للمستثمرين الأجانب الأرض، والسكن، وخدمات مختلفة منها الترخيص. فمدينة الجبيل الصناعية استطاعت وحدها أن تحتضن 50 في المائة من حجم الاستثمار الأجنبي الكلي في السعودية، باستثمارات تقدر بأكثر من 176.2 مليار ريال. إن نجاح الأستاذ عمرو دباغ تمثل في الجهود التي بذلها في الهيئة لدعم القطاعات الحيوية في السعودية ومن أهم تلك القطاعات قطاع الطاقة والغاز والكهرباء والمياه والبتروكيماويات، بالإضافة إلى قطاعات المعرفة والتقنية مثل التعليم والصحة وتقنية المعلومات والاتصالات والنقل, خاصة الاتفاقيات الحديثة الموقعة للهيئة مع شركة إنتل كابيتال، لإنشاء شركة يقدر رأسمالها بـ 375 مليون ريال (نحو 100 مليون دولار) ستستثمر في شركات التقنية في السعودية. وستقوم الشركة بالعمل في الاستثمار في الشركات الجديدة في مجال تقنية المعلومات والاتصالات، التي تتطلع إلى تطوير خدمات وبرامج كمبيوتر ذات قيمة مضافة. هذا وتقوم الهيئة حاليا بالإشراف على تشغيل عدد من المكاتب الترويجية لها في الصين، الولايات المتحدة، بريطانيا، وألمانيا لجذب مستثمرين إلى السعودية.
لقد ركزت الحكومة السعودية على جذب رؤوس أموال وطنية كبيرة مستثمرة في الخارج تبلغ قيمتها ثلاثة تريليونات ريال أي ما يعادل 800 مليار دولار أمريكي, ومن خلال جهود الهيئة العامة للاستثمار استطعنا إعادة توطينها للاستثمار داخل الوطن والاستفادة بشكل أكبر من السوق السعودي بالدخول في قطاعات الخدمات المالية والمصرفية وقطاعات الخدمات، إلى جانب الصناعات المكملة للصناعات الكبرى. ومن الإحصائيات الدولية يتبين أن الفرص الاستثمارية التي سوف توفرها السعودية خلال السنوات المقبلة سوف تبلغ ألف مليار دولار، حيث استثمارات" أرامكو" في السنوات الخمس المقبلة في قطاع النفط قد تصل إلى 50 مليار دولار لزيادة إنتاج النفط، كما سيحتاج قطاع التعليم إلى 2.5 مليار ريال كل عام. إضافة إلى تخصيص 100 مليار ريال لبناء مدينة الملك عبد الله الصناعية. إن المنافسة ما بين القطاع الخاص والهيئة العامة للاستثمار سوف تسهم بشكل مباشر في زيادة عدد الوظائف الممنوحة للمواطنين السعوديين من خلال توفير رأس المال المطلوب لتنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة التي يعتمد عليها أكثر من خمسة ملايين شخص في المملكة كمصدر دخل لهم، حيث الاستثمار في المنشآت الصغيرة والمتوسطة يوفر فرص عمل للمواطنين السعوديين، حجمها أكثر بـ 30 ضعفا مما يوفره الاستثمار في المنشآت الكبيرة. وأيضا يوفر قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة عاملا مهما لتحقيق التنوع الاقتصادي للمملكة ولكن يعيب هذا القطاع هو أن نسبة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة لا يتعدى أكثر من 20 في المائة، بينما في فرنسا مثلا تبلغ مساهمة هذا القطاع 60 في المائة. إن رصد الفرص الاستثمارية المتاحة في كل منطقة على حدة والترويج لها محلياً وإقليمياً وعالمياً يهدف إلى تحقيق نمو اقتصادي سريع ومستمر وتحسين مستوى دخل الفرد وبالتالي تحقيق التنمية الإقليمية وعلى ذلك يتم تحقيق التنمية المستدامة للمملكة وتتم معالجة مشكلتي الفقر والبطالة وخاصة في المناطق السعودية الأقل نموا.
كذلك فإن تعريف ومساهمة الهيئة العامة للاستثمار لسيدات الأعمال في تمويل مشاريع استثمارية في السعودية، أسهما بشكل كبير في تمويل عدد من المشاريع المرخصة بلغت 43 مشروعا بواقع 20 مشروعا صناعيا و22 مشروعا خدميا تجاوز إجمالي التمويل فيها مبلغ 700 مليون ريال. حيث بلغ عدد المستثمرات السعوديات اللاتي شاركن بحصص ضمن التراخيص الصادرة عن الهيئة 26 سيدة أعمال، تزيد حصصهن التمويلية في المشروعات التي يشاركن فيها على 78 مليون ريال. ختاما نبارك لجميع القائمين على الجهود المبذولة في الهيئة العامة للاستثمار. ونقدر لهم التعاون المثمر مع البنك الدولي ومراكز الأبحاث المتخصصة لإجراء تقييم شامل لمناخ الاستثمار المحلي والأجنبي في السعودية.