سوق الأسهم أدباً وإبداعاً
<p><a href="mailto:[email protected]">falkassim@fincorpgroup.com</a></p>
في كل زيارة لي للقاهرة وبعد خروجي من المطار اسأل مرافقي ونحن في طريقنا إلى الفندق عن آخر نكتة ابتكرها أحباؤنا المصريون، فليس هناك شعب صاحب نكتة مثل الشعب المصري، وتأكد لي بعد أزمة سوق الأسهم لدينا أن إصدار النكت تنفيس داخلي للظروف المحيطة بالشخص، لم ينافس المصريين أحد إلا السعوديين خلال أزمة السوق وانهياره الأخير، فقد ظهرت مواهب كثيرة مشابهه في المجتمع السعودي بعد أزمة سوق الأسهم في السعودية، وتنوعت هذه المواهب بين النكتة والشعر والنثر، وظهرت الطرائف والقصائد بالفصحى وباللهجة الدارجة حسب المنطقة، هل هي ظاهرة اجتماعية ؟ أم سحابة صيف ارتبطت فيها المصائب في سوق الأسهم مع روح الدعابة والرغبة في التنفيس لدى السعوديين فغيرت طبائعهم وعدلت سماتهم لتشتعل إبداعا أدبيا ونثرياً في بعض ما ينفع وفي كثير مما لا ينفع، وكانت وسيلة الترويج الرئيسية لهذه الإبداعات هي ساحات الإنترنت ورسائل الجوال.
من النكت التي وصلتني "امرأة تقول لزوجها إذا مت أرجوك تدفن أسهم بيشة معي لأنها سبب تعاستي، فيرد عليها الزوج ويقول لها إنتي موتي وأنا أدفن معك أسهم سابك والاتصالات والراجحي أيضاً".
كما وصلتني هذه القصيدة من الأديب الشاعر الدكتور أحمد السعيد، بعد نكسة سوق الأسهم وهي تصف حال السوق بعد النكسة:
أفاتنة هي أم مذهلة.. أماكن للربح أم مقصلة
أم الخطب حطم كل القلوب .. وحول آمالها مقتلة
بلى هي سوح الوغى ضمخت .. دماء وثارت بها البلبلة
سهام وردت على أهلها .. فكم صامد سهمه أثكله
وكم راقد عينه لا تنام . . غشاه من البأس ما أذهله
وكم من مليء جفاه الزمان . . فأورثه الفقر والمسألة
تمول حتى ارتقى في الثراء . . فكيف تردى وما أفشله
شباب تهاوى بليل بهيم . . وآهاته في المدى مرسلة
يحاصره الدين من خلفه . . وقدامه أسهم مثقلة
يلوب بأسواقها حائرا . . كسيرا ولم يلق ما أمله
هي النائبات وعاداتها . . تجيب الشجي عن الأسئلة
لم يقتصر الإبداع والعطاء على الشعر أو النكت، فقد ولد لنا سوق الأسهم العديد من الإبداعات في مجالات الكتابة، والإعلام، وطبعا أخرجت لنا الأزمة عددا كبيرا من الخبراء والمحللين الماليين، والأهم من ذلك هو التغير الذي أحدثته الأزمة في ثقافة التعبير عن المشاعر والتنفيس عن الذات، وممارسة النقد الذاتي.
الطفرة الاقتصادية في سوق الأسهم خلفت وراءها أعاصير من التغير في المجتمع ثقافة وفكرا، كان ظاهرها الشعر والنثر والطرف، أما باطنها فعميق جداً لا يعلمه إلا الله .
أدعو المؤسسات البحثية والجامعات وعلماء الاجتماع إلى دراسة هذه الظاهرة وآثارها التي نتجت عنها، أعني ظاهرة الأسهم، بحيث نتعرف على سلبياتها وإيجابياتها، وما التغير الذي أحدثه فينا كأفراد وأسر ومجتمعات، وبالتالي نعرف كيف نتعامل مع آثارها التي قد تستمر لسنوات وتؤثر في الأجيال الحالية والتالية، وطبعاً كالعادة ... ونحن نتفرج!!!