الإنماء بنك للنماء الاقتصادي.. ولا عزاء للمنافسين

<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>

تعتمد أكثر الدول المتقدمة اقتصاديا على قوة القطاع البنكي فيها بشكل كبير ويشكل مؤشر القطاع المصرفي فيها ثقلا مهما يعكس مدى قوة اقتصاد تلك الدول ونموها, وعندما نقول القطاع البنكي فإننا نعني الكم والكيف بمعنى عدد أكبر للبنوك بجودة أعلى لخلق قوة مالية مقياس نجاحها رضى العميل وإسهامها في الاقتصاد الكلي.
وحيث جاء قرار إنشاء مصرف الإنماء في مرحلة مهمة من تاريخنا الاقتصادي وفي وقت تعالت فيه الأصوات بضرورة فتح الباب لبنوك أكثر فإنه في الوقت ذاته فتح ملف القطاع المصرفي في المملكة الذي يواجه انتقادات كثيرة سواء من ناحية جودة الخدمات المقدمة أو كفايتها أو المحدودية في عدد المصارف وفروعها. ومن جهة أخرى حجم البنك الجديد وتأثيراته على مستوى المنافسة من جهة وعلى تأثيره على حجم السيولة من جهة أخرى, خصوصا أن المصرف الجديد سيزاول الأعمال المصرفية والاستثمارية, ويساهم صندوق الاستثمارات العامة ومؤسستا التقاعد والتأمينات الاجتماعية بنسبة 30 في المائة من رأس المال كمؤسسين ويطرح الباقي ونسبته 70 في المائة للاكتتاب العام وهو ما يحتج به مع المنتقدين على أساس أن هذه النسبة الكبيرة ستحتاج إلى نسبة كبيرة من السيولة مما قد يؤثر على توازن سوق الأسهم بالتحديد وهو طرح مردود كون المصرف الجديد يأتي خلال فترة ذهبية من اقتصادنا المتنامي الذي شهد العديد من الاكتتابات الكبيرة التي تم تغطيتها عشرات المرات ومنها تأسيس شركات جديدة وجدناها خلال فترة قصيرة تحقق أرباحا تشغيلية, وما بنك البلاد وشركة اتحاد اتصالات إلا أمثلة لتلك النجاحات وكذلك فإن طرح مصرف الإنماء هو رد على المنادين بفتح قنوات استثمارية جديدة لاستيعاب السيولة الكبيرة الموجودة في السوق.
إن المتابع لأداء القطاع البنكي في المملكة ليدرك حق الإدراك أن هذا القطاع بحاجة ماسة إلى منافسين جدد بحجم كبير وذلك أننا جبلنا على احتكار القلة ردحا من الزمن مما جعل البنوك التي يفترض أن تكون قائمة على رضا العميل كانت وما زالت تستغل العميل وأصبح المواطن أسيرا لجشع واستغلالية هذه البنوك خصوصا في ظل النمو السكاني وتنوعه حيث إن الفئات التي ستحتاج إلى خدمات بنكية متطورة وسهلة في تزايد كون ما يزيد على نحو 65 في المائة من المجتمع هم ممن دون 45 سنة, ويوجد 55 في المائة من السكان دون 20 في المائة وهذه النسبة بالتحديد ستكون في أمس الحاجة إلى متطلبات كثيرة أكاد أجزم أنها لن تتحقق في ظل النظام البنكي الحالي وبقاء الهيكلة البنكية بهذا الشكل سيمثل عائقا وعبئا على المجتمع خلال السنوات المقبلة.
وأعود إلى نقطة مهمة وهي أن خدمات البنوك والمصارف الموجودة يعتريها الكثير من القصور خاصة فيما يتعلق بآليات الإقراض والتمويل والخدمات الخاصة الاحترافية وذلك أن تلك البنوك لم تسهم بالشكل المطلوب في ردم الهوة الموجودة في الاقتصاد من ناحية دعم مشاريع المنشآت الصغيرة والمتوسطة والتي تحتاج إلى التمويل خصوصا وأن هذه المشاريع في حاجة إلى التمويل أكثر من غيرها التي يحدد وجود التمويل المناسب استطاعتها على المنافسة مع الشركات ذات المراكز المالية القوية التي تجد جميع أنواع التمويل من البنوك لهذا السبب بالتحديد.
ولا عجب في أن البنوك الموجودة حققت وما زالت تحقق الكثير في ظل الطلب المتزايد على الخدمات البنكية وقلة المصارف الموجودة التي لا تتناسب مع حجم الاقتصاد واتساعه بعكس دول كثير في المنطقة تقل اقتصاديا عن المملكة ومع ذلك تجد فيها عددا أكبر من البنوك فعلى سبيل المثال نجد في قطر 14 بنكا وفي لبنان 70 بنكا. لهذا فقط نرى أن بنوك احتكار القلة لدينا في نمو متزايد من ناحية قوائمها المالية مع بقاء خدماتها في مستويات ثابتة طيلة الفترة الماضية هذا إن لم تكن قد تراجعت من جراء الطلب المتزايد من العملاء. وهو ما يبرره نمو أرباح القطاع البنكي بنسبة 55 في المائة في عام 2005 وقبلها بنسبة 36 في المائة عام 2004. عجبا ومازال هناك من يرى عدم جدوى مصرف الإنماء!!
إن وجود مصرف الإنماء هو قرار صائب في وقت مناسب جدا خصوصا وبلادنا تشهد طفرة اقتصادية صناعية كبيرة ستحتاج خلالها إلى مليارات الريالات من التمويل لمشاريع نأمل أن تضع بلادنا في مصاف متقدم بين اقتصاديات العالم ومنها على سبيل المثال لا الحصر الجبيل 2, مدينة الملك عبد الله الاقتصادية, ورابغ 2, والكثير الكثير من المشاريع التي تنتظرها بلادنا واقتصادنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي