الدور المفقود لقطاع الأعمال في المسؤولية الاجتماعية
<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>
يعتبر مفهوم المسؤولية الاجتماعية أو ما يسمى Social Responsibility من أهم المفاهيم التي يتم تداولها اليوم في أوساط المال والأعمال حول العالم. وتبرز أهمية هذا الطرح على الدور التي يقوم به القطاع الخاص في التنمية المستدامة للمجتمعات، وعلى حمل مسؤولية مهمة في التطور الاقتصادي بشكل ينعكس مباشرة على المستوى الاجتماعي.
واستنادا إلى تعريف البنك الدولي لمفهوم المسؤولية الاجتماعية لرجال الأعمال على أنها التزام أصحاب النشاطات التجارية بالمساهمة في التنمية المستدامة من خلال العمل مع المجتمع المحلي بهدف تحسين مستوى معيشة الناس بأسلوب يخدم الاقتصاد و يخدم التنمية في آن واحد. بمعنى أن الدور الذي يقوم به القطاع الخاص يجب أن يكون بمبادرة داخلية وقوة دفع ذاتية من داخل صناع القرار في القطاع الخاص سواء كان أفرادا أو مؤسسات.
واليوم أصبح دور مؤسسات القطاع الخاص هو الدور المحوري في عملية التنمية، وهو ما أثبتته النجاحات التي تحققها الاقتصاديات المتقدمة في هذا المجال، لذلك فإن الدور جاء بشكل عكسي مع دور القطاع العام في التنمية الاقتصادية التي تحققها الدول، فمع زيادة دور القطاع الخاص يقل دور القطاع الحكومي ليصبح تشريعيا بالدرجة الأولى وتذهب المشاركة الكبيرة لدفع عجلة التنمية إلى القطاع الخاص. وعلى المستوى العالمي وفي الدول الصناعية والتجارية الكبرى، أصبح هناك هدف لتحقيق تعاون متوازن بين كل من الدولة ورجال الأعمال والمجتمع، أي الحكومة والقطاع الخاص والقطاع الثالث المستفيد من هذه المشاركة، في تحقيق التنمية دون الاعتماد كلية على جهة واحدة والإعفاء الكامل من المسؤولية لجهة أخرى.
ووصل الحال بالقطاع الخاص في الدول الكبرى إلى تجاوز المشاركة الاجتماعية بشكل عشوائي لأخذ شكل منظم بأهداف واضحة واستراتيجيات تنفيذ معلنة. ومع اتساع نطاق وسمعة مفهوم المسؤولية الاجتماعية، أصبح للشركات الكبيرة دور تنموي أساسي وأصبح العطاء للتنمية جزءا لا يتجزأ من نشاطات هذه الشركات لدرجة أن الشركات التي لا تحمل في خططها أي نشاطات اجتماعية تعتبر من الشركات الناقصة في عين الجميع سواء من المجتمع أو من الوسط الاقتصادي والحكومي. هذا الانتشار لذلك المفهوم جعل من المشاركة الاجتماعية جزءا من خطط التسويق لمنتجات الشركات، وأصبحت الشركات تتنافس في المسؤولية إلى حد أن وصل الأمر ببعض الشركات إلى إنشاء مؤسسات تنموية أو على الأقل عمل خطة سنوية منظمة واضحة الأهداف والمعالم لمساعدة الفئات الأقل حظا في المجتمع ومحاولة تنميتها بشكل فعال.
والمسؤولية الاجتماعية للقطاع الخاص ورجال الأعمال في بلد مثل المملكة ليس مجرد المشاركة في الأعمال الخيرية وعمل حملات تطوعية، إنما تتسع لتشمل مسؤوليتهم تجاه تنمية المجتمع المحرك الأول للاقتصاد تنمية مستدامة، فيجب أن يكون للشركات الكبيرة ورجال الأعمال دور تنموي أساسي، وأن يصبح العطاء من أجل التنمية جزءا لا يتجزأ من أنشطة هذه الشركات، وأن يكون مبدأ الشراكة بين القطاع الخاص والعام هو مبدأ تطبيق لا أن يكون مبدأ تسويق لبعض المؤسسات الخاصة وبعض أسماء رجال الأعمال الذين يتغنون بمساهماتهم للمجتمع، وهم يعلمون قبل غيرهم أنها لم تكن سوى استجابة لضغوط معينة أو انتظار مردود معين.
ومع الاعتراف بالدور الخجول لبعض الشركات في المملكة في دعم التنمية المستدامة، إلا أننا في ظل هذا النمو الكبير الذي يشهده القطاع الخاص بما في ذلك الانفتاح الكامل للاستثمار الأجنبي، فإننا أصبحنا في حاجة ملحة إلى جعل مفهوم المسؤولية الاجتماعية واسع الانتشار في أوساط المال والأعمال، وقد نقول بهذا الجهد لدرجة أن تأخذ شكلا تنظيميا ومؤسسيا له خطة وأهداف محددة، وقد يكون هذا الشكل التنظيمي على شكل هيئة أهلية تحت رؤية حكومية تسهم في جعل هذا المفهوم جزءا من التركيبة الاقتصادية السعودية وتوسيعا لمبدأ الشراكة بين القطاعين العام والخاص.