اتجاه السوق في الربع الرابع

بدأ الأسبوع الماضي تطبيق قرار تجميد التصرف في أسهم أعضاء مجالس إدارات الشركات تمهيداً لإعلان النتائج المالية للشركات للربع الثالث من العام الجاري. لن يكون هذا القرار مجدياً إذا لم تكن هناك رقابة صارمة من هيئة سوق المال لمنع تسرب المعلومات التي بالتالي ستحدث مضاربات تضر بالسوق والمتعاملين. وضع السوق اليوم يكشف مدى تبعية المتعاملين لحالتي الصعود أو الهبوط الجماعي أو إشكالية السوق القائمة في جماعية الموقف السلبي أو الإيجابي مما يفسره البعض أنه ضعف الوعي بأمور السوق. مسار الأسعار يسير بخلاف المتوقع ويستمر المضاربون برفع أسعار الشركات الصغيرة على حساب الشركات القيادية. التحولات الدراماتيكية التي تعيشها السوق المالية، تفرض على المستثمرين التعامل بحذر شديد لتفادي تكرار تجربة شباط (فبراير).
تحركات الشركات الأسبوع الماضي كانت متفاوتة. فقد تمت الموافقة في اجتماع شركة البحر الأحمر على النظام الأساسي للشركة والمصادقة على النفقات والمصاريف. "البحر الأحمر" تخطط لتدشين مصنع رابع للشركة في منطقة الخليج وافتتاح أسواق جديدة في أمريكا الجنوبية وإفريقيا. أما الشركة العقارية السعودية فقد وافقت على زيادة رأسمال الشركة بنسبة 100 في المائة ليصبح 1.2 مليار ريال بدلا من 600 مليون ريال. مجلس إدارة شركة المصافي أوصى بزيادة رأس مال الشركة من 40 مليون ريال إلى 60 مليون ريال عن طريق منح سهم مجاني لكل سهمين مملوكين. أما "سبكيم" فقد ضخ أكثر من ستة ملايين مواطن 4.086 مليار ريال في اكتتاب الشركة والمفترض أن يتم رد الفائض اليوم الأحد 24 أيلول (سبتمبر) 2006م.
وضعنا الاقتصادي بخير والحمد لله، فقد أكد الدكتور فواز العلمي رئيس الفريق الفني السعودي لمفاوضات الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية أن المملكة تشهد طفرة اقتصادية ثانية ومستقبل المملكة الاقتصادي كبير في ظل إنشاء خمس مدن اقتصادية بمستويات عالمية وتخصيص تريليون دولار للمشاريع التنموية في العقد القادم وتخصيص 20 منشأة حكومية. وتستمر هيئة السوق المالية بطرح فرضيات جديدة على أمل أن يتحسن وضع السوق مثل توحيد فترتي التداول والانتهاء من مشروع تطوير نظام التداول قريباً لتحديث أنظمة تداول التقنية وإنشاء سوق لتداول الأوراق المالية من خلال تحويل نظام تداول الحالي إلى شركة مساهمة. ولكن علينا الاعتراف أيضاً بأن سوقنا المالية لا تزال تعاني أوجه قصور تحد من قدرتها على القيام بالدور التمويلي والتنموي المنوط بها. خذ على سبيل المثال الأطر التشريعية والتنظيمية المتمثلة في غياب الاستقلال الإداري وغياب المؤسسات المساندة وصغر حجم السوق وضعف الإفصاح وقلة أنشطة الوساطة المالية. وكما هو الأمر في مختلف أسواق الخليج فإن عدم وجود توافق بين مؤسسات النقد والبنوك دفعت المستثمرين نحو المضاربة على أسهم ليس لها قيمة سعرية حقيقية. كذلك فإن حالة المضاربة المتهورة التي تعيشها السوق اليوم تكشف عن وجود خلل في التحليل المنطقي لأوضاع أسعار السوق ولا يمكن أن نصف سوق الأسهم لدينا بموضوعية ومصداقية. طبعاً المضاربة تضر بسوق المال وبالتالي تُضْعِف دوره في دعم الاقتصاد الوطني.
البعد الجديد في المعادلة هو تأثير استبعاد حصة أسهم الدولة من حساب قيمة المؤشر العام لسوق الأسهم. البعض يعتقد أن ذلك سيقلب موازين الأسهم رأساً على عقب لأن قيمة المؤشر ستنخفض في حال إلغاء أسهم الدولة من حساب المؤشر. طبعاً حصة الحكومة لا تباع ولا تشترى وكلنا يعلم تأثير الشركات القيادية مثل: "الكهرباء"، "سابك"، و"الاتصالات" التي تملك الحكومة حصصاً كبيرة فيها على السوق. طالما أن الوضع لا يسمح – ولو مؤقتاً - باتساع وعمق السوق فإن تركيز الأسهم ساعد وبشكل كبير على ارتفاعها دون أي مبرر اقتصادي معقول.
القيمة الرأسمالية السوقية للسوق السعودية تمثل ثلث قيمة سوق الأوراق المالية الخليجي ويتوقع اقتصاديون أن تشهد سوق الأسهم السعودية خلال المرحلة القليلة المقبلة ارتفاعات وانخفاضات متفاوتة متزامنة مع إعلان نتائج أرباح الشركات للربع الثالث. من الطبيعي أن تشكل التقلبات وعدم الاستقرار في المؤشر العام عنصراً مقلقاً بالنسبة للكثير من المستثمرين. هناك رأيان: يتوقع متداولون أن تشهد تعاملات السوق بعض الركود خلال تعاملات شهر رمضان بينما يرى آخرون أن ظهور نتائج أرباح الشركات للربع الثالث سيعطي زخماً جديداً للتداولات. مازالت هناك أسئلة عن جدوى الاكتتابات العامة ومسؤولية الشركات بعد إدراجها في سوق الأسهم, وفيما إذا كان تذبذب الأسعار يؤثر في قرارات تحول الشركات إلى مساهمة عامة واحتمال تجزئة السوق إلى سوق رئيسية وأخرى ثانوية. تتقابل هذه التساؤلات مع غياب تفعيل أنظمة سوق المال وخاصة لوائح حوكمة الشركات وتحديد سعر الاكتتاب وهيكلة الشركات العائلية في وقت يتوقع فيه طرح أكثر من 30 اكتتاباً عاماً خلال الـ 12 شهرا المقبلة.
الدكتور عبد الرحمن التويجري يؤكد أن العمل على تطوير نظام تداول مازال مستمرا مع الشركة السويدية المتعاقد معها لتطوير النظام. كذلك يعقد في الرياض خلال الفترة بين 19 إلى 22 تشرين الثاني (نوفمبر) 2006 المؤتمر السعودي الأول لعروض الاكتتابات الأولية العامة والذي سيركز على المسائل الجوهرية التي تكتنف عرض الاكتتاب العام الأولي وأسباب طرحه وعملية الاكتتاب وإعادة الهيكلة الجوهرية للإدارة والمسائل الرقابية التي تواجه الشركات وكيفية تأثير حركة التصحيح الأخيرة في السوق السعودية على عروض الاكتتابات الأولية العامة. إن تعاملات شهر رمضان المبارك تمثل المفصل الحقيقي لتحديد المسار في المستقبل القريب. فهل تتحقق فرضية أن الأسهم التي تتنازل قيمها السوقية بالتزامن مع تناقص كميات التداول عليها ستكون محط الأنظار خلال الأسبوعين المقبلين؟

باحث اقتصادي
<p><a href="mailto:[email protected]">alamiaa@yahoo.com</a></p>

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي