أجر المعذور (2)

<a href="mailto:[email protected]">d_almakdob@hotmail.com</a>

والأعذار المسقطة تنقسم إلى أعذار عامة وهي الأعذار التي لا تختص بواحد دون الآخر بل تعم مجموعة من المكلفين كالمطر والبرد ونحوهما, والأعذار الخاصة تختص بعين المكلف ولا تتعداه إلى غيره كالجوع, إذ قد يجوع شخص ويشبع آخر والمرض يختص بالمريض فهو عذر خاص ونحوه.
الأعذار العامة المسقطة للجمعة والجماعة, المطر فهو من رحمة الله التي ينزلها على عباده, قال تعالى "فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى", والخروج في المطر الشديد لأداء الصلاة فيه مشقة وحرج لذا وقع اتفاق بين العلماء في الجملة على اعتبار المطر مسقطا للجمعة والجماعة مطلقا سواء كان ليلا أو نهارا في الحضر أو في السفر يدل عليه ما رواه البخاري من حديث عبد الله بن عمر أن النبي, صلى الله عليه وسلم, كان يأمر مناديه في الليلة الباردة أو المطيرة أن يقول "صلوا في رحالكم" والمراد بالرحال المنازل سواء كانت من مدر أو وبر أو غير ذلك.
وعن عبد الله بن عباس, رضي الله عنهما, أنه قال لمؤذنه في يوم مطير "إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة وقل صلوا في رحالكم, قال: فكأن الناس استنكروا ذلك, قال ابن عباس: أيعجبون من ذلك؟ قد فعل ذلك من هو خير مني, إن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض" متفق عليه. فقوله رضي الله عنه الجمعة عزمة, أي حق من حقوق الله وواجب من واجباته وهي تسقط بالمشقة, فالسير في الطين والزلق فيه عنت وقد رفع الله الحرج عن عباده, وهذه سنة نكاد لا نسمعها في هذه الأزمنة رغم أنها تظهر جانبا كبيرا من التيسير والتخفيف عن العباد.
فأحث إخوتي أئمة المساجد والمؤذنين بألا يشقوا على المصلين, فإذا كان يوما مطيرا فليؤذن للصلاة ولا يقل المؤذن حي على الصلاة حي على الفلاح بل يقل بدلهما: صلوا في رحالكم مرتين, هذه سنة المصطفى التي يتأكد إحياؤها عند تحقق سببها, وهو المطر الذي يتأذى بالخروج فيه, أما إذا اندفع الأذى والمشقة بالخروج في المطر لخفته أو لوجود بناء ونحوه يقيه المطر فلا يكون المطر مسقطا لانتفاء المشقة, فالحكم يدور مع علته وجودا وعدما, فمتى وجدت المشقة في نزول المطر كان عذرا مسقطا للجمعة والجماعة ومتى انتفت فلا يسقط, والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي