استراتيجية الأسهم.. البقاء للاستثمار (2)
<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>
وصل النقاش في استراتيجيات التعامل في سوق الأسهم السعودية إلى أشده, ففي الوقت الذي ينادي البعض فيه إلى مستوى ثقافي استثماري أعلى، فإن واقع السوق يحث على المضاربة والمضاربة الشرسة فقط. ومع إيماني الشخصي أن الاستثمار في جميع آجاله هو أفضل طريقة لتحقيق المكاسب في سوق الأسهم السعودي إلا أن واقع حمى المضاربة تجتذب الكثير من للمتداولين باختلاف قدراتهم على المضاربة. وهنا يجدر التركيز على أن المضاربة تحقق أرباحا يومية ولكنها في نهاية المطاف تحمل أرباحا بسيطة إن لم تكن خسائر حين مقارنتها بالاستثمار. ويستطيع أي مضارب (والحديث هنا ليس عن المضاربين المحترفين) عمل تقييم لمحفظته الاستثمارية وأن يعود إلى أسعار بعض الأسهم الاستثمارية التي اشتراها قبل عام من الآن ليرى الفرق في التقييم النهائي لاستثماراته مقارنة بما لديه تحت وطأة المضاربة اليومية.
وعن الاستثمار، فإن أغلب المستثمرين في سوق الأسهم العالمية يفضلون اقتناء الأسهم ذات النمو والسبب ببساطة هو أن النمو في أسعار الأسهم يتبع إلى حد كبير النمو في قيمة الشركة وليس العكس. أي بمعنى أن ارتفاع أسهم بعض الشركات لا يعكس النمو في مشاريعها, وعلى افتراض أن هناك نموا في المشاريع فإن الارتفاع في أسعارها يكون استباقيا وبالتالي فإن أسعار أسهم تلك الشركات قد أخذ في الحسبان نمو أعمالها.
وقد يتساءل الكثيرون عن كيفية معرفة هذه الأسهم؟ وكيفية تحديد مؤشرات نموها؟ وعن جدوى الاستثمار فيها؟ وهنا نذكر بعض الآليات التي قد تساعد على تحديد تلك الأسهم وتسهم في تحديد رؤية واضحة لمستقبل الاستثمار فيها.
تعتبر نسبة النمو السنوي للشركات أحد أهم المبادئ لتحديد مستقبلها, وهذا المؤشر لا يحتاج إلى متخصصين لتحديده, فالقوائم المالية لتلك الشركات تعطي انطباعا جيدا عن توجه الشركة بشكل عام وعن نسبة نموها السنوي مقارنة بنسبة النمو العام من حيث العائد على السهم. وبلا شك أن القوائم المالية تعطي تصورا عن مستقبل الشركة والمشاريع المستقبلية وانعكاس ذلك على الوضع المالي للشركة وبالتالي عن مستقبل سعر السهم.
وعلى الرغم من التشديد على نسبة النمو فإن من الأهمية بمكان أن تكون تلك النسبة تحمل ثباتا واستقرارا في معدلاتها السنوية, بمعنى أن تكون نسبة النمو السنوي تحمل متوسط نمو تصاعدي, فلا يكفي أن يكون هناك نمو بل يجب أن تكون نسبة النمو ثابتة ارتفاعا بشكل يعكس توجهات الشركة المستقبلية. وهناك العديد من المؤشرات التي يجب الاستناد إليها عند تقييم نسبة النمو، نذكر منها مستوى تنافسية الشركة, أي بمعنى أكثر تحديدا, المركز التنافسي لأي شركة على مستوى القطاع نفسه, على سبيل المثال ارتفاع المبيعات فقط لا يعكس نمو الشركة بل يجب أن يكون ذلك الارتفاع بناء على زيادة في الحصة السوقية للشركة و ارتفاع في عدد العملاء مقارنة بالمنافسين.
وهنا نصل إلى مفترق الطرق في تقييم أفضل الأسهم, فالنمو وثباته لا يعني شيئا إذا كان سعر السهم متضخما, بمعنى أن النمو وثباته يفقد أهميته إذا كان سعر السهم يتداول بأسعار أعلى بكثير من سعره العادل في تلك الفترة. وطرق تقييم السعر العادل للأسهم كثيرة ومنها حسابات مكررات الأرباح بمعامل النمو السنوي, وبالتالي فإن أي مستثمر يستطيع تحديد السعر العادل لأي سهم خلال الفترة التي ينوي الاستثمار بها ومن ثم تقييم الفرصة والفرصة البديلة لاتخاذ قرار الاستثمار من عدمه.
النقاط الثلاث المختصرة التي سبق ذكرها تعطي مؤشرات لاستراتيجية الاستثمار في سوق الأسهم, وبالتأكيد هي تنطبق فقط على الجانب الاستثماري للأسهم بعيد عن المضاربة فيها، وباختصار فإن أفضل الأسهم هي ذات النمو المستمر وذات الأسعار العادلة ولا شك أن سوق الأسهم السعودي يحمل باقة متميزة من الأسهم ذات البعد الاستثماري المتميز.