جيل الشباب يقود الوطن

<a href="mailto:[email protected]">albadr@albadr.ws</a>

بعد أن مرت سنوات طويلة كانت فيها كراسي الإدارات العليا للأجهزة الحكومية من الملكيات الفردية لكثير من القيادات في الدوائر التنفيذية، وبعد أن أثبتت الأيام والتجارب والدراسات أن استمرار إدارات الدوائر الحكومية في أماكنها لفترات طويلة هو بمثابة استمرار لجميع المشكلات وترسيخ أكبر للبيروقراطية التي تغطي أعمال تلك الدوائر بسبب المركزية في الإدارة, أقول إنه بعد كل هذا يأتي هذا العصر الذهبي للمملكة تحت قيادة ملك التغيير والنجاح الاقتصادي ليطرح الحاجة الملحة أكثر من أي وقت مضى إلى تغيير مفهوم نظرية الرجل الواحد، وكذلك ليفتح الباب أمام جيل الشباب ليكمل المسيرة بنظرة أكثر واقعية وإلمام أكبر بالمتغيرات المحيطة. نعم فالمرحلة تتطلب دماء جديدة متقدة لنقلنا إلى الخطوة المهمة في تاريخنا الاقتصادي. هذا الطرح يأتي ونحن نشهد أمثلة على أرض الواقع إدارات شابة نقلت عمل بعض الدوائر الحكومية من البيروقراطية إلى الإنتاجية ومن المركزية إلى تطبيق أعمق لعمل الفريق الواحد الذي يصب في نهاية المطاف في مصلحة الجميع.
وعندما نقول إن المرحلة الحالية تعتبر أفضل فرصة للتغيير الإداري فإن هذا الاعتبار يأتي بناء على متغيرات كثيرة يحملها العصر وتتطلبها المرحلة. فالانفتاح الاقتصادي اليوم يأتي في ظل قوة وطفرة اقتصادية غير مسبوقة على المستوى الداخلي، وكذلك انفتاح وتغيرات كبيرة في الاقتصاد العالمي تجعل من الحاجة إلى قيادات شابة تدرك حقيقة المتغيرات وتملك الدينامكية المطلوبة للتغير للأفضل والأهم من ذلك كله استغلال تلك العوامل وفق رؤية واضحة مستمدة من الرؤية الكاملة للقيادة العليا لجعل التقدم والتطور أكثر استدامة وأكبر مردود.
ويخطئ من يعتقد أن هذا الطرح هو نداء للتخلي عن القيادات الرشيدة التي قادت البلاد خلال الفترة الماضية، بل على العكس هو امتنان لتلك الجهود وامتداد لذلك الجيل الذي أفنى حياته العملية في سبيل البناء وفق احتياجات تلك المرحلة، وهذا لا يعني بأي شكل الاستغناء النهائي عن تلك الخبرات بل نداء إلى خلق تناغم بين تلك الخبرات القيمة مع دماء شابة تدرك احتياجات المرحلة. وتستفيد من التجارب السابقة بهدف وحيد وهو الرقي بهذا الوطن الذي يمر بفترة تاريخية استثنائية. وجزء لا يتجزأ من تلك الاستفادة هو إعطاء الفرصة لجيل الشباب كون النجاح الذي حققه بعض أسماء تلك الفترة هو بسبب توليهم مناصب عليا خلال فترة شبابهم.
إن إدارة الاقتصاد الحالي تختلف عن إدارة اقتصاد طفرة السبعينيات الميلادية أو مخرجات تلك الفترة، والدليل هو أن ذلك الجيل نجح بكل المعايير في إدارة المنشآت خلال تلك الفترة، لأنه كان يعيش حينها بقوة وطموح الشباب في متغيرات يدركها ويعلم متطلباتها وهي بناء البنية التحتية الأساسية للوطن في تلك الفترة لذلك فإن ما تشهده المملكة من تطور هو نتيجة لإدراك قيادات تلك المرحلة باحتياجاتها. ومن الظلم لتلك القيادات أن تتغير بسهولة لتواكب التغيير الحالي ويكفي أن نحمل لهم كل الاحترام والتقدير على ما بذلوه خلال أصعب الأوقات التي واجهتها المملكة كذلك نحتاج إلى الاستفادة القصوى من تجاربهم ونستضيء بآرائهم واستشاراتهم.
إن تغير الظروف وتغير الاحتياجات تجعل من الضرورة فتح المجال لقيادات وطنية مؤهلة تجعل من التغيير للأفضل وفق استراتيجيات واضحة وإدارة حديثة تسخر هذا الزخم الاقتصادي الذي تعيشه المملكة إلى تنمية مستدامة تخدم مستقبل الوطن وتضع الخطوات المهمة للوصول إلى الأهداف التي رسمتها الخطط التنموية الوطنية وخصوصا الخطة الخمسية الثامنة التي تركز بشكل كبير على بناء اقتصاد متنوع وبناء أجيال وطنية قادرة على إدارة مستقبلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي