شكراً .. تبرعنا بمساكن للفقراء والأيتام !

<a href="mailto:[email protected]">alsaif@srmg.com</a>

العمل الخيري والبذل والعطاء ومساعدة المحتاجين من الفقراء والأيتام، أعمال إنسانية نبيلة وجليلة وسامية، يسعى إليها ويقوم عليها أولو العزم من المخلصين الخيرين، ممن وهبهم الله حبّ الخير وبذل المعروف. وقد أنعم الله على هذه البلاد برجالات أوفياء صادقين، نذروا أنفسهم للعمل الخيري التطوعي وللبذل والعطاء ومساعدة المحتاجين، فهم يُطعمون الطعام على حُبهِ مسكيناً ويتيماً وأسيراً، ويقِفون أنفسهم على رعاية أبناء هذه البلاد، من معوقين وأيتام ومرضى وفقراء.
تنوعت وظائفهم وتباينت مناصبهم وتعدّدت مناطقهم ومدنهم على امتداد الوطن الشاسع، غير أنّ جامعهم فعل الخير والإسراع به، بِراً بهذه البلاد وبأبنائها وامتثالاً لتعاليم ديننا الإسلامي، وطلباً للأجر والمثوبة، وشعوراً بأن لذة العطاء تفوق لذة الأخذ بكثير.
هؤلاء حقهم كبير، ومن واجبنا تجاههم الشكر والتقدير والتبجيل، وإن إبراز أعمالهم الخيرية ونشرها لمن أوجب الواجبات على صحافتنا المحلية، ليتبارى المحسنون في أعمالهم وليقرأ عنا الآخرون، ليعرفوا أننا مجتمع يحوطه الوفاء وترفرف عليه رايات البذل والعطاء والإحسان.
ولكم يُسرُ المرء، وهو يقرأ ما بين فينةٍ وأُخرى في الصحافة المحلية عن مشاريع خيرية، تُقام هنا وهناك، على امتداد وطننا المعطاء، يشيدها ويقوم بها رجال أعمال مخلصون، ويحتضنها ويرعاها ويؤازرها أمراء ووزراء ومسؤولون، ليشعر المرء أن هذه البلاد لا تزال وستظلُ بخير، إن شاء الله. غير أنّ مما يؤسف له، حينما ينبري أحد الصحافيين في جريدةٍ سيّارة، ودونما أدنى مسؤولية، لينسِفَ وبجرة قلم، تلك الجهود فيلغيها من الوجود! ويصدرَ حكماً عاماً بأن هذه البلاد ورجالاتها مازالوا يعيشون بأفكارهم العتيقة(!) المترسخة في أذهانهم، المتمثلة في "بناء المساجد" فقط!
هذا ما ذكره الزميل فارس بن حزام الحربي، في مقالته المنشورة في صحيفة "الرياض" الصادرة بتاريخ 25 رمضان 1427هـ، والمعنونة بـ"مبروك، تبرعنا بمسجد!" والتي ذكر فيها أن كل سنوات العلم والمعرفة لم تقعل فعلتها في عقولنا - باستثنائه طبعاً!- لتجتثَّ تلك الأفكار العتيقة! ومن باب النُصح لأهل الخير في هذه البلاد،لم يفُت فارس التنبيه إلى خيارات أُخرى، كـ (بناء المستوصفات وعلاج المستضعفين في الأرض) ولستُ أدري لماذا حدّد الأخ فارس مكان المستضعفين، حينما قال (في الأرض)؟! إذ إنّ مكانهم الأرض، ويعيشُ معهم عليها الانتهازيون والباخسون الناس أشياءهم! إلا إن كان ثمّة مستضعفون آخرون ليسوا معنا على الأرض، يعلمهم فارس ولا يرغب في علاجهم، فتلك قضية أخرى!
قبل أن أعرِض للأخ فارس، بحكم إقامته خارج المملكة (!) شيئاً من مشاريع الخير والبذل والعطاء، التي شيّدت في هذا الوطن، مما يندرج تحت الوصية "الحزامية" (بناء المستوصفات وعلاج المستضعفين في الأرض) أودُ القول أنه حتى المتبرعون ببناء المساجد لم يسلموا من "تهويشات" فارس وإيذائه لهم في هذا الشهر الكريم! فبعد نعتهم بـ"الأفكار العتيقة"، تسلل إلى نواياهم، فاضحاً إيّاها، في أنها لم تكن، حينما أشادت المساجد، حُباً في الخير ومساعدة المسلمين على أداء صلواتهم، إنما لكسلهم فقط! يقول فارس ( فهذا المتبرع يسعى إلى بناء مسجد يجاور منزله، تكاسلاً من الذهاب إلى المسجد الآخر، الذي لا يبعد عنه سوى مسافة الدقائق الخمس مشياً)!! وإن تعجب فأعجب من إصدار هذا الحكم بإطلاق وإلقائه على عواهنه، دونما أدنى مسؤولية؟! ولستُ أدري كيف تحوّل (خبير شؤون القاعدة)، كما يُقدِّم نفسه، إلى خبير مساحة أرضية، حتى أنه أضحى يعرف "أبعاد" المسافات، الزمانية والمكانية، بين منازل المتبرعين والمساجد المجاروة لهم، وفوق كل ذي علمٍ عليم!
أعودُ لأقول أنه من العسير، بل المستحيل أن أعرض في هذه المقالة كلّ ماسمعته أو قرأته عن مشاريع الخير ومساعدة المحتاجين، ناهيك عن الذي لم أُحط به، إذ إن ذلك يحتاج إلى مجلدات وصفحات مطولات، غير أني سأمتحُ من ذاكرتي ما قد تجود به، لأذكِّر فارساً، الذي ربما أنسته الغربة! بأن هناك من أبناء وبنات الوطن من أوصى بجزءٍ من ماله في أعمال خيرية، غير بناء المساجد، قبل أن يجود عليهم بمقترحه! غير أني أُسائله وهو (الخبير) المتابع: أين هو من مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز لوالديه للإسكان الخيري؟! ألا يعلم عن دور هذه المؤسسة، وما تقوم به؟! وهل سعى ليعرف؟! ثم ألم يسمع بمشروع الأمير سلمان بن عبدالعزيز للإسكان الخيري؟ وأن هناك أُسراً في حي سلطانة قد انتظمت وسكنت في مشروع ضمَّ 122 وحدة سكنية، مزوّدة بصالات لممارسة النشاط الثقافي والاجتماعي والرياضي، للبنين والبنات؟! وأنّ هناك، أيضاً، مجمعات سكنية ضمن هذا المشروع في محافظات أُخر وضِع حجر الأساس لها، وأُخر تنتظر قريباً تشريف الأمير سلمان وضع حجر الأساس؟! فلماذا هذا الجحود والنكران يا فارس؟! ألا تعلم أن الأميرة العنود بنت عبدالعزيز بن مساعد، رحمها الله، قد أوصت بجزءٍ من مالها لأعمال خير، كرعاية الأيتام وبناء المساكن للفقراء والمحتاجين؟! ثم ألم تشدُّك ما تنشره الصحف المحلية في هذا الشهر الكريم؟! ألم تسمع عن أخبار الجمعية الخيرية لرعاية المعوقين؟ ما الذي تفعله هذه الجمعية منذُ أكثر من عقدين؟! ولماذا لم تزرها وتطّلع على قوائم المتبرعين التي تُزيّنُ مدخلها؟! ألم تسمع عن "مركز الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز لأمراض الكلى" الذي صدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين على إنشائه، تحت مظلة "جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي" والذي دعا الأمير عبدالعزيز بن سلمان، قبل أيام، إلى مؤتمر أُقيم بهذه المناسبة، حضره نخبة من الخيرين من أبناء جدة وغيرهم، وقد انهالت تبرعاتهم فتجاوزت 20 مليون ريال! ولايزال المجال مفتوحاً للمتبرعين؟! وأُهيب بك يا فارس أن تكون أحدهم، لتُحيل "تنظيرك الصحافي" إلى "واقع عملي ملموس"! ألم تقرأ عن حفل "الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام" الذي نُظِّم في هذا الشهر الكريم، والذي كُرِّم فيه رجال أعمال، بذلوا وأعطوا وأنفقوا، فلم يكن جزاء إحسانهم إلا الإحسان لهم والتقدير؟!.
ثم دعني أسألك، ما الذي كان يفعله- قبل نصيحتك- الفريق متقاعد عبدالله البصيلي؟ ألم تسمع عن مراكز التأهيل الشامل التي شادها في عدد من المدن السعودية؟ وماذا عن المستشفيات ومجمعات الإسكان الخيرية التي شادها ويُشيدها رجل الأعمال الدكتور ناصر الرشيد؟! وهل سمعتَ عن البرامج الخيرية والتأهيلية التي ينفذها المواطن المخلص يوسف بن عبداللطيف جميل؟! أم كنت تعتقد أن الشيخ سليمان العليان كان ينتظر نصيحتك ليُشيد مجمعاته التعليمية في عنيزة والرياض؟ وماذا عن الشيخ عبدالعزيز التويجري ومجمعه التعليمي الضخم في المجمعة؟ وماذا أنت قائل عن الشيخ عبد الكريم الجهيمان، الذي أنفق كلّ ما يملكه لبناء مدرسة متوسطة في الخرج؟! ومن الذي شاد الصرح الثقافي الشامخ في وسط مدينة الرياض "مكتبة الملك فهد الوطنية"؟ أليسوا بعضاً من أبناء مدينة الرياض، شادوه صرحاً شامخاً ومركزاً للباحثين "والخبراء الاستراتيجيين" من أمثالك! وقدموه هديةً لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، رحمه الله.
الحديث يطول يافارس، وصفحات الخير والبذل والعطاء أطول من أن تُحصى في عُجالة أو مقالة! غير أنه لم يخطر لي ببال أن شوارع دبي وشواهقها ستُبهرك، فتصيب عينيك غشاوةً تنسيك فعل أهل الخير في بلدك، ولست أدري مالذي ستكتبه أو تقوله لو كنت مهاجراً في كندا؟!!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي