مشكلات التقاط بصمة الإصبع

[email protected]

خلق الله الإنسان وميزه عن غيره من المخلوقات بنعمٍ كثيرة ومن أعظم هذه النعم، نعمة العقل التي ميزتنا على جميع المخلوقات. فقد سجدت الملائكة لآدم بأمر من الله جل جلاله، وذلك لعظمة هذا المخلوق. "وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس ..."الآية. هذا العقل العظيم هو الأساس فيما وصلنا إليه من تقدم وإبداع حضاري، هو سر سيطرة الإنسان على هذا الكون العظيم، رغم أنه لم يؤتنا من العلم إلا قليلا. ورغم هذا تجده يجادل ويدعي معرفة كل شيء، بل يصل به الغرور (في معظم الأحيان) إلى أن يعتقد أنه هو الأقوى والأعز على وجه هذه البسيطة. فهو يتحدى القنابل والطائرات الحربية والصواريخ والغواصات وأسلحة الدمار الشامل التي هي (في الأساس) من صنع يده. ولكن قد تقتله بعوضة وفي معظم الأحيان تقتله فيروسات لا نستطيع رؤيتها إلا بعد تكبيرها ملايين المرات.
الإنسان حقيقة معجزة إلاهية، فهو السبب الرئيسي في اكتشاف كثير من الأسرار الكونية وبعض الإسرار العجيبة التي وضعها الله فيه كمخلوق. وفي أنفسنا معجزات عظيمة لا يعلم سرها إلا الله ومنها على سبيل المثال بصمة الإصبع، حيث إن لكل إنسان بصمة تختلف عن الآخر. وهذه الخاصية العظيمة ذكرت في القرآن الكريم قبل ما يزيد على 14 قرناً من الزمن، حيث قال الله تعالى في الآية الكريمة "بلى قادرين على أن نسوي بنانه". وهذا يعني أن الله جل جلاله سوف يبعثنا خلقاً جديداً كما كنا في هذه الدنيا، حتى بصمات الأصابع على اختلافها سوف يعيدها كما كانت. سبحان الله، كم في هذا الكتاب (القرآن) العظيم من المعجزات التي يعجز العقل البشري عن إدراكها حيث قال الله تعالى: "ولقد صرّفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل وكان الإنسان أكثر شيء جدلا".
هذا الاختلاف العظيم في بصمة الإصبع سهل على الإنسان أشياء كثيرة منها التعرف على هوية الشخص. وسهلت عملية التحقيقات الجنائية وذلك بتحديد هوية المجرمين من بصماتهم. لن أتحدث عن البصمة في حد ذاتها وكيفية التعرف عليها والأشكال المختلفة لمنحنيات البصمة. محور الحديث سوف يكون عن الطرق المختلفة لأخذ البصمة والمشكلات التي تواجه هذا العلم وأنواع الماسحات المستخدمة في طباعة بصمة الإصبع ومقارنتها مع بعضها لاختيار الطريقة المثلى والأصلح للتطبيق.
في قديم الزمان عُرِف ما يسمى بصمة الإصبع الحبرية وهي عبارة عن أخذ بصمة الإصبع عن طريق وضع البصمة على محبرة ثم وضعها على ورقة ليرتسم شكل البصمة. وهذه الطريقة هي الأقدم والأكثر انتشاراً، وقد استخدمت وما زالت تستخدم.

تنقسم طباعة بصمة الإصبع إلى قسمين:

الطريقة الأولى: هي وضع بصمة الإصبع على لوح مليء بالحبر ثم وضع مقدمة الإصبع على ورقة وتمرير بقية الإصبع بالتدريج، وهذه الطريقة تسمى "الدحرجة " وهذه الطريقة تدعم أكبر مساحة لسطح بصمة الإصبع. وهذا هو المراد للحصول على أكبر مساحة ممكنة لبصمة الإصبع. لأن المساحة الكبيرة تتوافر بها معلومات أكثر عن بصمة الإصبع المراد طباعتها. لأنه كلما كثرت نقاط التحديد في صورة البصمة، كان من الأسهل مقارنتها مع نفسها في المستقبل. ولكن لسوء الحظ فهذه الطريقة قد تحتوي على بعض التشويش في الصورة الناتجة. وذلك بسبب الضغط الحاصل لبصمة الإصبع، وتمدد الجلد عند الضغط يسبب اختلافا بسيطا في الأبعاد الحقيقية لبصمة الإصبع.

الطريقة الثانية: وهي وضع الإصبع على لوح مليء بالحبر ثم وضع بصمة الإصبع على ورقة، ولكن دفعة واحدة وضغطها ثم نزع الإصبع، وهذه الطريقة تسمى "الطبع". وبما أن البصمة لا تتدحرج على الورقة فإن مساحة صغيرة من سطح البصمة أمكن طبعها. هذه الطريقة أقل تشويشا من الطريقة السابقة. تتم طباعة الصور على كروت ومن ثم تخزينها لتحديد هويتها لاحقا.
في الماضي كانت مراكز التحقيقات تستخدم طريقة مقارنة البصمات الموجودة على الكروت مع البصمات المأخوذة من مواقع الجرائم وهذا يتطلب وقتاً طويلا. حالياً تم استخدام الحواسيب للمقارنة، لأنها أسرع بكثير من الإنسان. وهذه البصمات تم التقاطها باستخدام أنواع مخصصة من الكاميرات أو النواسخ الرقمية مثل كاميرا الـ CCD. وبما أن صور البصمة محفوظة في الحاسب، فإنه أصبح بالإمكان مقارنة البصمات الحديثة مع المخزنة باستخدام عمليات حسابية وجبرية خاصة. وبما أن الأصل يعتمد على بصمة الإصبع المأخوذة بواسطة الحبر والورق، فإنها لن تكون دقيقة (للغاية) كما ينبغي. وهذا يتطلب استخدام ماسحات للبصمة نفسها وتخزينها في الحاسوب لتقليل التشويش الحاصل من الطريقة السابقة. وقد أدى هذا إلى ظهور أنواع متعددة من الماسحات الرقمية للبصمة.

فيما يلي نستعرض مشكلات جمع (التقاط) بصمات الإصبع، حيث إن هناك أربعة مشكلات رئيسية في تقنية طباعة بصمة الإصبع:

المشكلة الأولى: الالتحام المتضارب، حيث إن معظم عمليات جمع بصمات الأصابع تتطلب الالتصاق أو الالتحام الكامل مع سطح الماسح.
المشكلة الثانية: الالتحام غير المنتظم، حيث إنه ينشئ نتيجة لعدم انتظام سطح بصمة الإصبع.
المشكلة الثالثة: الاتصال غير البارز الذي يشكل مشكلة بالنسبة لأنظمة مسح بصمات الأصابع. وهذا يظهر عندما تختلف الصورة المنسوخة من مرة إلى أخرى نتيجة تعرض بصمة الإصبع إلى إصابة أو جرح حتى ولو كان بسيطا.
المشكلة الرابعة: التشويش أثناء عمليه التصوير. وهذا التشويش قد ينشأ نتيجة المجالات الكهرومغناطيسية، والإضاءة المحيطة الزائدة أو الشوائب في أجهزة النسخ.
في المقال المقبل (بإذن الله) سوف نناقش بشيء من التفصيل هذه المشكلات ومن ثم اختيار الحلول الصحيحة والمناسبة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي