أساليب حل نزاعات المشاريع
النزاعات التي تنشأ بين فريق الإدارة والأطراف الرئيسية المعنية بالمشروع، من الأمور المتوقع حدوثها في أي نشاط استثماري، باعتبارها مرتبطة بالاختلافات بين البشر بشكل أو بآخر. وتعد هذه النزاعات نتائج حتمية، ومحصلة طبيعية للتغيير الذي غالباً ما يكون مفيداً، ولكن من الأهمية بمكان أن تتم إدارتها بالشكل الأنسب. وكل قضية تتعلق بالمشاريع هي بمثابة شرارة نزاع محتمل. ولذلك تتسم القدرة على حل النزاعات بأهمية كبرى، إذ إن الخلافات المعلقة تؤدي في الغالب إلى عواقب ليست في صالح المشروع، وتشمل التوتر وانخفاض الحافزية، فضلاً عن تفاقم الشعور بالاكتئاب والموقف العدائي، ناهيك عن فقدان روح الفريق.
تنشأ النزاعات عادة عن تباين في وجهات النظر خلال مناقشة موضوع ما، وقد يعود هذا التباين إلى أسباب عديدة منها أولوية القرارات، والتكلفة، والآراء الفنية، ومشاكل الاتصال، والحاجة إلى قرار مشترك أو إجماع، وتوزيع السلطات، إضافة إلى تضارب السمات الشخصية.
ومدير المشروع الحريص على حماس فريقه، واستمرارية التزام الأطراف الرئيسية المعنية تجاه أهداف المشروع، لا يمكنه إبقاء النزاعات معلقة دون حل. وعلى الرغم من وجود أساليب عديدة معروفة لحل النزاعات، إلا أن الأساليب الخمسة الأبرز هي "المواجهة"، و"التسوية"، و"الانسحاب"، و"التهدئة"، و"الإجبار". ورغم أن "المواجهة" التي تعرف أيضا باسم "أسلوب حل المشاكل"، هي الأسلوب الأنجع، إلا ظروف الحالة قد لا تسمح لمدير المشروع تطبيق هذه الاستراتيجية، في بعض الأحيان، فيكون مضطراً إلى استخدام أسلوب آخر لحل النزاع القائم، وذلك لأسباب سنأتي على تفصيلها.
يقتضي أسلوب المواجهة تناول القضية بشكل مباشر من أجل مناقشتها والتوصل إلى حل متوازن. وأفضل ظرف لاستخدام هذا الأسلوب هو عندما يتوافر الوقت لتحري الحقيقة، وبالتالي وضع الحل المناسب. وتعتبر "المواجهة" الأسلوب المفضل لحل النزاعات باعتبار أنه لا يوجد طرف خاسر في المحصلة النهائية. أما أسلوب "التسوية" فيقوم على مفاوضات تتيح التوصل إلى حل يشارك فيه طرفا النزاع. ويفضل استخدام هذا الأسلوب عندما تستدعي الحالة الحفاظ على العلاقات الإيجابية بين الأطراف. ورغم أن هذا الأسلوب لا يحقق رضا طرفي النزاع 100 في المائة، ولكنه سيحل المشكلة القائمة في النهاية.
والأسلوب الثالث هو "الانسحاب" أو "أسلوب التجنب"، الذي يستند إلى تجاهل النزاع على أمل أنه سيتلاشى أو تتراجع حدته مع مرور الوقت. ولا يقدم هذا الأسلوب حلاً حاسماً لموطن المشكلة، باعتبار أنه يؤدي إلى معادلة يكون فيها طرفا النزاع خاسرين. ومع ذلك، قد يجد مدير المشروع "الانسحاب" الأسلوب الأفضل عندما تكون القضية المطروحة محتدمة، ويرفض طرفا النزاع مواصلة النقاش فيها.
ومن ناحية أخرى، يوفر أسلوب التهدئة حلاً مؤقتاً للقضية المطروحة وليس حلاً نهائياً، حيث يتم تلطيف الأجواء لفترة قصيرة قبل أن تطفو المسألة على السطح مرة أخرى. وقد يلجأ مدير المشروع إلى هذا الأسلوب عندما لا تكون للقضية أولوية الحل، فيؤجلها إلى أن يثيرها شخص آخر مرة أخرى.
وأخيراً، هناك أسلوب "الإجبار" الذي تستعمل فيه عادة، السلطة الرسمية في الحالات التي تستلزم فرض حل نهائي للمشكلة. وبالتالي فهو حل يكون فيه أحد طرفي المعادلة رابحاً والآخر خاسراً. ولعل أفضل ظرف لاستخدام هذا الأسلوب هو عندما يكون الوقت المتاح لحل النزاع قصيراً جداً، مع عدم إمكانية اللجوء إلى أساليب أخرى. وعندها لن يكون أمام مدير المشروع أي خيار لفض النزاع إلا بفرض قرار بقوة سلطاته.
* الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "سي إم سي إس"