استراتيجيات "ساب" و"الفرنسي" في قطاعي التأمين والاستثمار
مع بدء الاكتتاب العام في خمس شركات تأمين جديدة مطلع هذا الأسبوع، وعند قراءة نشرات الإصدار التفصيلية الصادرة من شركتي ساب تكافل والسعودية الفرنسية للتأمين التعاوني (شركتين تحت التأسيس رأسمال كل منهما 100 مليون ريال الأولى مملوكة بنسبة 32 في المائة تقريبا من بنك ساب والأخرى مملوكة أيضا بنسبة 32 في المائة تقريبا من البنك السعودي الفرنسي)، يلفت نظرنا أن مصاريف التأسيس في شركة ساب تكافل بلغت 28,3 مليون ريال (28 في المائة من رأس المال) في حين أن هذه المصاريف بلغت 15,5 مليون ريال في الشركة السعودية الفرنسية للتأمين (15 في المائة من رأس المال) ما يعني أن مصاريف التأسيس وصلت إلى مستويات قياسية بالمقارنة برأس المال لشركات لم يتم تأسيسها رسميا حتى الآن!!!
عند مقارنة هذه المصاريف مع مصاريف التأسيس في باقي شركات التأمين (ولاء للتأمين، الدرع العربي، إياك السعودية)، نجد أن مصاريف الـتأسيس في شركة ولاء للتأمين بلغت 18,4 مليون ريال (9 في المائة من رأس المال) وفي شركة الدرع العربي بلغت 12,5 مليون ريال (6 في المائة من رأس المال) وفي شركة إياك السعودية بلغت 11,9 مليون ريال (12 في المائة من رأس المال) ما يدل على ارتفاع هذه المصاريف لدى جميع الشركات إلا أنها شهدت ارتفاعا كبيرا جدا لدى شركتي ساب تكافل والسعودية الفرنسية للتأمين من حيث القيمة والنسبة إلى رأس المال.
إذا كانت هذه هي مصاريف التأسيس في شركتي ساب تكافل والسعودية الفرنسية للتأمين، فماذا بقي لرأس المال؟ كيف تم صرف مبالغ كبيرة على شركات لم تتأسس بعد؟ من يتحمل مسؤولية ذلك؟ ماذا سيكون الوضع لو أجل تنظيم قطاع التأمين لسنوات أخرى؟
عند النظر إلى رسوم الاكتتاب نجد أن هذه الرسوم في شركة ساب تكافل بلغت سبعة ملايين ريال (20 في المائة من متحصلات الاكتتاب) وفي الشركة السعودية الفرنسية للتأمين بلغت خمسة ملايين ريال (16 في المائة من متحصلات الاكتتاب). في المقابل نجد أن هذه الرسوم في شركة ولاء للتأمين بلغت 7,5 مليون ريال (9,5 في المائة من متحصلات الاكتتاب) وفي شركة الدرع العربي بلغت 8,3 مليون ريال (10 في المائة من متحصلات الاكتتاب) وفي شركة إياك السعودية بلغت 4,7 مليون ريال (11,7 في المائة من متحصلات الاكتتاب) ما يؤكد أيضا ارتفاع رسوم الاكتتاب لدى كل من شركتي ساب تكافل والسعودية الفرنسية للتأمين بالمقارنة بباقي الشركات (بما في ذلك شركة إياك السعودية ذات قيمة المتحصلات الكبرى والرسوم الأقل) وهذا يجعلنا نتوقف قليلا عند آلية احتساب رسوم الاكتتاب في كلتا الشركتين لصالح بنكين من أهم البنوك السعودية.
عند قراءة القوائم المالية السنوية لعام 2006م وتقارير مجلس الإدارة لكل من بنك ساب والبنك السعودي الفرنسي نجد أن بنك ساب قام بتأسيس شركة استثمارية تحت اسم HSBC "العربية السعودية" مملوكة بنسبة 40 في المائة لبنك ساب و60 في المائة لمجموعة HSBC برأسمال 50 مليون ريال حققت في عامها الأول أرباحا غير موزعة بلغت 130 مليون ريال تقريبا ما يعني تحقيق عائد على حقوق المساهمين بنسبة 160 في المائة وهي نسبة عالية تدل على الربحية العالية التي يتمتع بها هذا النشاط.
في المقابل نجد أن البنك السعودي الفرنسي أعلن تأسيس شركة تحت اسم "فرنسي تداول" للقيام بأعمال تداول الأسهم مملوكة بنسبة 99 في المائة للبنك إلا أنه لم يحدد من يملك النسبة الباقية والأسباب الداعية لذلك، أيضا أعلن تأسيس شركة متخصصة في القروض الاستهلاكية مملوكة بنسبة 50 في المائة للبنك و50 في المائة لشركة سوفنكو المملوكة للبنك الأجنبي الأم!! وأعلن نية تأسيس شركتين تختصان بأنشطة الاستثمار، الأولى تحت اسم "كاليون السعودي الفرنسي" بالشراكة مع بنك كاليون والأخرى تحت اسم "كام السعودي الفرنسي" بالشراكة مع البنك نفسه إلا أنه لم يتم تحديد نسبة ملكية البنك السعودي الفرنسي في كلتا الشركتين في حين تشير الدلائل (و هي تحتمل الصواب والخطأ) إلى أن نسبة ملكية البنك في كلتا الشركتين ستقل عن نسبة 60 في المائة ما يعني حصول الشركاء الأجانب على حصص كبيرة نسبيا.
كل هذا يدل على أن البنوك الأم لكل من بنك ساب والبنك السعودي الفرنسي حصلت على حصص كبيرة ومباشرة في الشركات الجديدة (التأمين والاستثمار)، إضافة إلى حصصها غير المباشرة في رؤوس أموال البنكين السعوديين وهذا يدل على أنه في ظل ثبات معدلات النمو في أسواق التأمين والاستثمار فإن هذين البنكين سيواجهان مستقبلا صعوبات في المحافظة على مستوى الربحية المحققة من هذه الأنشطة إلا أن بنك ساب يبدو في وضع أفضل نسبيا بحكم بدء النشاط فعليا للشركة الجديدة والإنتاجية العالية خلال 2006م. كمثال على ذلك، لو افترضنا أن البنك السعودي الفرنسي يحقق سنويا ربحا بقيمة 70 مليون ريال من إدارة صناديق الاستثمار و30 مليونا من أعمال التأمين، فإن الربح السنوي سيتقلص إلى أقل من النصف مع بدء أعمال الشركات الجديدة وهذا بدوره سيؤثر سلبيا في صافي ربحية البنك من هذه النشاطات، في حين سيحقق الشريك الأجنبي أرباحا من حصصه المباشرة في الشركات الجديدة إضافة إلى حصته الرئيسية من راسمال البنك السعودي البالغة 31 في المائة.
لنتساءل الآن: لماذا يحصل كل ذلك؟ ما موقف أعضاء مجالس الإدارات؟ وكيف لنا أن نحافظ على حقوق المساهمين السعوديين في هذه البنوك الداعمة لاقتصاد وطننا الغالي؟ وهل هناك آلية لمحاسبة المقصرين من أعضاء الإدارات التنفيذية؟
عندما نتمعن في التقارير والقوائم المالية نفسها نجد أن البنك السعودي الفرنسي قدم معلومات شحيحة عن استثماره في بنك بيمو السعودي الفرنسي – سورية (بنسبة 27 في المائة) ولم يذكر مطلقا ملكيته في بنك بيمو - لبنان (بنسبة 10 في المائة تتجاوز قيمتها 100 مليون ريال) في حين يؤكد الموقع الرسمي لبنك بيمو - لبنان على الإنترنت ملكية البنك السعودي الفرنسي هذه النسبة. فإذا كان البنك لا يزال يحتفظ بهذه النسبة، لماذا لم يتم إدراجها ضمن استثماراته، أما إذا تبين أن البنك قد باع هذه النسبة فلماذا لم يتم الإعلان عن ذلك؟ وماذا سيكون موقف هيئة السوق المالية الموقرة في حال ثبوت عدم إفصاح البنك عن هذه المعلومة الجوهرية؟ ما جدوى مثل هذه الاستثمارات للبنك؟ وماذا سيكون موقف مجلس الإدارة في حال فشل هذه الاستثمارات؟ ومن المسؤول؟
لننتظر ونر.