هموم الصناعيين .. واستراتيجية القرارات الداعمة

[email protected]

شاركت منتصف هذا الأسبوع في اللقاء المفتوح للصناعيين، الذي نظمته اللجنة الصناعية في الغرفة التجارية الصناعية للمنطقة الشرقية، بالمشاركة مع جمعية الخليج للتعلم المؤسسي المعروفة باسمGulf Sol . لن أتحدث هنا عن الخطب الرسمية وورش العمل وحلقات النقاش التي أدارها ببراعة وحكمة عبد الرحمن التويجري بما يحمله من خبرة "أرامكو السعودية"، ولكني سأضع بعض النقاط على الحروف لعلها تسهم في إيضاح هموم القطاع الصناعي وأهمية معالجتها، لرفع مستوى مساهمة الصناعة في اقتصادنا الوطني.
قد يكون السؤال عن الفرص والتحديات التي تواجه الصناعة المحلية والتعرف على المصادر التي توفرها الدولة لمساعدة الصناعيين وكيفية تحقيق الأرباح من الطفرة الحالية من المواضيع التي تشغل بال سلمان الجشي، شيخ الصناعيين في غرفة الشرقية. لن أحتاج هنا لكيل المديح للأستاذ الجشي فقد تعرفت على أعماله وجهوده عن قرب وأعلم تماماً أنه وزملاءه في اللجنة الصناعية يعملون على طرح ومناقشة الموضوعات المهمة التي تهم منتسبي الغرفة من القطاع الصناعي. باختصار, نريد الوصول إلى رؤية مشتركة لدعم الخطوات التي يجب اتخاذها لتحقيق النهضة الصناعية في المملكة والتركيز على التطبيق وليس فقط التخطيط في مسيرة التنمية الصناعية.
لا بد من البحث عن وسائل جديدة لتطوير الأداء والقدرة لدى مصانعنا الوطنية، خصوصا المصانع ذات الحجم الصغير والمتوسط، لأن الصناعة مهمة بالنسبة لنا كقطاع إنتاجي يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني. القطاع الصناعي يحتل اليوم المركز الثاني - بعد القطاع المصرفي - في استقطاب القوى العاملة المحلية، كما أنه يسهم ولو بخجل وتواضع في رفع مستوى الصادرات السعودية غير النفطية. لا بد من التعاون لتحقيق المزيد من النتائج الإيجابية التي توفرها معطيات قرار الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. نريد تطوير أداء المصانع للوصول إلى الأسواق العالمية، فضلا طبعاً عن الأسواق المحلية. نريد كذلك نقل وتوطين التكنولوجيا في المجال الصناعي، وما يتضمنه من إيجاد قاعدة بشرية قادرة على القيام بذلك.
لكي نكون واقعيين، يجب أيضاً التحدث عن التحديات التي تواجه الصناعة السعودية التي تشكل الجزء الأكبر من هموم الصناعيين اليوم. أبدأ بمعضلة رفع التعرفة الكهربائية غير المبررة على الصناعيين، ومعضلة رفع نسبة السعودة بالنسبة للمصانع "بينما تم خفضها للقطاعات الأخرى"، وكذلك عدم قيام هيئة المدن الصناعية "أو الشريك الصامت" بدورها في التنمية الصناعية. هناك تحديات تواجه المصانع الصغيرة والمتوسطة يجب معالجتها حالاً. نريد حل مشكلة قلة الأراضي في المدن الصناعية. لا بد من تنمية الصادرات الصناعية ومناقشة أهم العقبات التي تواجه المصانع المصدرة، وتطوير آلية عمل صندوق التنمية الصناعية السعودي، وبحث آلية إصدار شهادة المنشأ وإيجاد آلية مناسبة لحل المعوقات والعقبات التي تواجه الصناعيين لدى الوزارات والجهات المعنية. عقد الاجتماعات المكثفة مع وزارة العمل للتشاور حول حصول المصانع على تأشيرات العمل وإجراءات وأنظمة العمل هي خطوة جيدة، لكن نريد أيضاً دعم الصادرات الصناعية، وتطوير الجودة الشاملة في المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وتحسين الأداء والإنتاجية في هذه المنشآت والتركيز على مخرجات التعليم والتدريب في القطاع الصناعي. دون حل هذه المعوقات لن نتمكن من تشجيع المستثمرين الأجانب أو حتى رجال الأعمال السعوديين على الدخول في شركات مع مجموعات صناعية دولية لإقامة المشاريع التي يستفيد منها الوطن.
جيد أن يتم الكشف عن القرارات الداعمة لاستراتيجية الصناعة وتشجيع الاستثمار في قطاعات الطاقة، النقل، الصناعات القائمة على المعرفة، توطين التقنيات، تحسين قدرة المنشآت الصغيرة، وإنشاء حاضنات للأعمال لتعزيز النمو المستدام، ولكن المهم هو تفعيل هذه القرارات وتطبيقها.
لم نفعل إلا القليل للتوصل إلى صيغة معينة لرفع مستوى أداء مصانعنا السعودية، ورفع قدراتها التنافسية في الأسواق العالمية. أمام الصناعة السعودية تحديات جسام "شكراً لمعطيات العولمة والانضمام إلى منظمة التجارة العالمية". وأصبح من الضرورة أن تصل الصناعة السعودية إلى مستوى عالٍ من الجودة إذا أردنا منازلة الدول الأخرى، لأن الوضع الاقتصادي العالمي اليوم أصبح أكثر ديناميكية، في ظل انحسار الحواجز الجمركية أمام أسواق السلع في مختلف دول العالم. الصناعة هي خيار التنمية السعودية الاستراتيجي في زمن العولمة، والمنافسة ـ أو معركة البقاء - في الوقت الحالي يا سادة ألخصها بكلمة واحدة: الجودة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي