شركات التطوير الاستثماري وتوظيف السيولة في تحقيق خطط التنمية

[email protected]

نعاني في المملكة فائض سيولة يبحث عن قنوات استثمارية مجزية ما جعله يفيض في قنوات ضيقة مخلفا وراءه آثارا سلبية, كما حصل في سوق الأسهم، وكما يحصل حاليا في سوق العقار, حيث ترتفع وتيرة المضاربات على الأراضي بشكل ينذر بارتفاع حاد في أسعارها لتسهم في تضخم العقار بشكل يجعله يدفع بالتضخم في بقية القطاعات قدما إلى الأمام وللأسف الشديد.
القنوات الاستثمارية موجودة في بلادنا وبكثرة ولكنها مغلقة لامتلائها بالعوائق التي تمنع السيولة من التدفق فيها بسهولة، ومن أهم تلك العوائق غياب آليات فاعلة قادرة على فتح هذه القنوات بالشكل الذي يحقق مصلحة المستثمرين بتحقيق أهداف خطط التنمية الخمسية بالشكل الذي يصب في صالح نوعية المعيشة في المملكة العربية السعودية.
نعم فمن ينظر إلى خطط التنمية الخمسية يجد أنها تحتاج إلى المزيد من الآليات الفاعلة لكي تتحول إلى واقع يعيشه الجميع، وهو ما لا يمكن أن يتحقق دون مشاركة كبيرة من القطاع الخاص الذي بدوره لن يتحرك للاستثمار في أي قطاع دون وجود الفرصة القائمة على وجود الفجوة بين المطلوب والمعروض (الحاجة) ووجود الحوافز المحفزة للاستثمار في هذا القطاع وندرة العوائق التي ترفع من درجة المخاطر الاستثمارية.
وفي ظني أن الهيئة العامة للاستثمار لم تنجح في إزالة العوائق, خصوصا التنظيمية والإجرائية, على الرغم مما بذلته من جهود كبيرة في هذا الاتجاه التي كان من المفترض أن تؤتي ثمارها في إزالة العوائق الاستثمارية لتتدفق السيولة في جميع القطاعات الاستثمارية بشكل متوازن، ذلك أن الهيئة بذلت جهودا مباشرة لمعالجة العوائق التشريعية والتنظيمية والإجرائية, ما أدى إلى اصطدامها بالجهات الحكومية المنظمة الأخرى لعدم القناعة بسبب اختفاء المقترحات المقنعة القائمة على نماذج ناجحة.
والمقترحات القائمة على نماذج ناجحة لا يمكن للهيئة العامة للاستثمار أن تقدمها بشكل مباشر، ذلك أن هذه الجهد يحتاج إلى شركات كبيرة، شركات قادرة على أن تكون لاعبة رئيسية في قطاعها بالشكل الذي يمكنها من تقديم مقترحات مؤيدة بالنماذج الناجحة لتكون الجهات الحكومية المنظمة أكثر قناعة بما يجعلها تستجيب لتلك المقترحات بناء على ما تراه من نجاحات أمام أعينها.
إذن نحن في حاجة إلى إيجاد آلية غير مباشرة تدفع بالسيولة نحو قنوات استثمارية تجعل من القطاع الخاص شريكا حقيقيا في تحقيق أهداف الخطط التنموية الخمسية من ناحية، كما تدفع الجهات الحكومية المنظمة لإزالة جميع العوائق التي تسد تلك القنوات الاستثمارية التي تعاني قطاعاتها اختلالات متزايدة بين المعروض والمطلوب بشكل سيرفع الضغوط على الموازنات الحكومية بالشكل الذي لا يمكن الوفاء به بحال من الأحوال.
وأعتقد أن تحفيز مجتمع الأعمال لتأسيس شركات تطوير استثماري قادرة على قراءة الفرص الاستثمارية في جميع القطاعات وتطويرها من خلال دراسات الجدوى الاقتصادية العلمية وطرحها كفرص استثمارية على المستثمرين الاستراتيجيين الذين يرغبون في توظيف أموالهم في استثمارات استراتيجية ذات أبعاد تنموية وهم كثر, ولله الحمد، لتتحول السيولة إلى شركات عملاقة تعمل في القطاعات الاقتصادية كافة التي تعاني غياب أو ندرة الشركات القيادية التي يمكن أن تلعب أدوارا مهمة في تطوير تلك القطاعات مثل: التعليم، الصحة، الإسكان، الترفيه، الطاقة، الزراعة، شركات الصناعات البتروكيماوية الوسيطة, وغيرها.
وفي ظني أن الحاجة إلى شركات التطوير الاستثماري القادرة على تطوير شركات عملاقة في القطاعات كافة أصبحت أكثر ضرورة بعد أن أصبحت قضية تمويل المشاريع تتطلب تحقيق شروط لا يمكن الوفاء بها إلا من خلال جهة مهنية محترفة، خاصة أن تلك الشروط تم إقرارها حديثا بعد تأسيس هيئة السوق المالية التي أصدرت لوائح ذات متطلبات معيارية لكي يتمكن أيا كان من تمويل مشروعه من خلال جميع صيغ الطرح المتاحة نظاميا.
ختاما أرجو من وزارة التجارة والهيئة العامة للاستثمار ومجلس الغرف التجارية التنسيق معا لحث مجتمع الأعمال لتأسيس شركات تطوير استثماري قادرة على تحديد الاحتياجات الاستثمارية في كل القطاعات الاقتصادية لتطور مشاريع ´تأسيس شركات عملاقة في تلك القطاعات بما يوفر قنوات سالكة ومجزية للمستثمرين وذات قيمة مضافة للمجتمع، شركات تقوم بدورها حال قيامها بحث الجهات الحكومية المنظمة لمعالجة العوائق الاستثمارية كافة، وكلي ثقة باستجابة مجتمع الأعمال السعودي لمثل تلك المقترحات بخاصة أننا بدأنا نرى شركات إقليمية شقيقة بدأت تروج لمثل هذا النوع من الشركات في سوقنا السعودية الكبيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي