شركة الشرقية الزراعية .. غير!
ماذا تعني الجمعية العامة للشركة المساهمة؟ ومن أين تبرز أهميتها؟ وما دورها في مسيرة الشركة ؟ يكفينا من اجتماع الجمعية العامة للشركة أنه الاجتماع الذي يحضره ملاك الشركة والمتصرفون فيها الذين لهم مطلق الحرية في ملكهم وفق قواعد نظام الشركات، كما أنه الاجتماع السنوي الوحيد "غالباً" الذي يجمع حملة الأسهم وهم ملاك الشركة مع مجلس الإدارة، وهو الاجتماع الرسمي الوحيد الذي يتم فيه اعتماد القوائم المالية للشركة، وهو الاجتماع الذي يعين فيه أعضاء مجلس الإدارة وتتم محاسبتهم وإقالتهم وأخيراً إبراء ذمتهم.
تعودنا على مرور هذه الاجتماعات بسلام بالغ حيث تتم الموافقة على جميع بنود اجتماع الجمعية، وإن حصل مناوشات فهي مشاكسات خفيفة غير مؤثرة في حدود إثارة بعض الأسئلة والمناقشات الجانبية بين المساهمين والمجلس، حيث إن الغالبية التصويتية تتم لصالح جدول الاجتماعات الموضوع من قبل مجلس الإدارة ووفقاً للسيناريو المعد سلفاً، وعادة لا يكدر هذه الاجتماعات إلا عدم اكتمال النصاب القانوني وخاصة في الجمعيات العامة غير العادية.
ما حصل في اجتماع الجمعية العامة العادية الخامس والعشرين لشركة الشرقية الزراعية أخيرا كان استثنائياً بجميع المقاييس، حيث إن جدول اجتماع الجمعية أشتمل على ستة بنود وهي:
الموافقة على ما جاء في تقرير مجلس الإدارة عن عام 2006م.
الموافقة على تقرير مراقب الحسابات الخارجي على القوائم المالية لعام 2006م.
الموافقة على الميزانية العمومية للشركة وحساب الأرباح والخسائر.
الموافقة على إبراء ذمة مجلس الإدارة عن السنة المالية السابقة.
الموافقة على اختيار مراقب الحسابات من بين المرشحين من قبل لجنة المراجعة، لمراجعة القوائم المالية لعام 2007 م.
الموافقة على ترشيح عضو مجلس إدارة جديد بدل عضو آخر مستقبل.
لقد كانت نتيجة الاجتماع مفاجأة للجميع، فقد انتهى الاجتماع بعدم الموافقة على جميع بنود الاجتماع الستة الواحد تلو الآخر، ومن المضحك المبكي أن تجتمع الجمعية العامة وتنتهي بهذه النتيجة التي أشبه ما تكون بالضربة القاضية لمجلس الإدارة.
إن انسجام الملاك "حملة الأسهم" والإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة مطلب رئيس لنجاح الشركة، فلا يمكن تصور نجاح شركة ما.. مع وجود خلافات بين مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، أو بوجود خلافات بين المجلس والملاك، عند وجود هذه الخلافات فإنها تستوجب التصحيح، وكلما زادت الخلافات فإن التصحيح يكون أكثر حدة، وآنذاك تجب الغربلة وإعادة النظر والهيكلة لوضع الشركة، ووضع الأمور في نصابها الصحيح بما يحفظ للملاك "خاصة صغار المساهمين" حقوقهم.
وإن كان الاختلاف بين الإدارة التنفيذية ومجلس الإدارة والملاك صحياً ومن مصلحة الشركة، فإن الخلاف والشقاق بين هذه الجهات كارثي، والفرق بين الاختلاف والخلاف كبير، فهو لا ينحصر فقط في حرفي الألف والياء، ولكنه الفرق بين الشفقة والتشفي، وبين الحب والكره، وبين النقد والتشهير، والمسافة بينهما أبعد مما بين السماء والأرض، فالخلاف يهدم ولا يبني، ويقدم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، ويركز على العيوب ولا يرى المنافع، ويبحث في سوء الظن ولا يتضمن قاموسه التسامح أو حسن النية، فهو النظرة السوداوية للآخر بغض النظر عن أي شيء آخر.
نتائج اجتماع الجمعية العامة لشركة الشرقية الزراعية تؤكد وجود خلاف بين الملاك "حملة الأسهم" وبين مجلس الإدارة، وهذا الخلاف من العيار الثقيل، وكأني بالملاك من حملة الأسهم يريدون إيصال رسالة واضحة إلى مجلس الإدارة لا يعلمها إلا طرفي الود، ومن الواضح أن مجلس الإدارة لم يتمكن من استيعاب هذه الرسالة مسبقاً، ومن الواضح أن حملة الأسهم هؤلاء قد كسبوا الجولة وإن كنا لا نستطيع التأكيد بأنهم كسبوا المعركة حتى انعقاد الجمعية العامة المقبلة، وللأسف فإن الضحية الأساسية لهذا الخلاف "كالعادة" هم صغار المساهمين الذين لا هم في العير ولا في النفير.
وإن كان الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، فإن نتيجة الجمعية العامة لشركة الشرقية الزراعية، قد نزعت الود من جذوره، ولا بد من الانتظار إلى الجمعية العامة المقبلة للشركة لنشهد نهاية هذه القصة المثيرة والتي تحدث لأول مرة في الشركات المساهمة السعودية.
أتوقع شخصياً تكرار قصص مشابهة في جمعيات عامة أخرى نتيجة عمليات الاستحواذ التي تتم لأسهم الشركات المساهمة الصغيرة من قبل بعض المجموعات، التي يفتقد كثير منهم للفكر الاستثماري والنظرة الاستراتيجية للشركة التي يمتلكون أسهمها، حيث يسيطر عليهم فكر المضاربة، وغالباً ما يكونون من المستثمرين قصيري النفس.