هل تخلّى الرئيس ترمب عن دعمه للأسواق؟
كانت الأسواق المالية تستبشر بعودة ترمب إلى الرئاسة كولاية ثانية، ولا سيما أنه خلال ولايته الأولى وعبر حسابه في منصة إكس "تويتر سابقاً" طالما دعم تحركات السوق للأعلى وكان يستنكر أي موجات ضعف أو جني أرباح تمر بها، وكان طالما يكرر أن الاقتصاد قوي، ولذلك لا بد أن ينعكس ذلك على السوق، فما الذي تغير اليوم؟
الحقيقة أن الرئيس ترمب بدأ حرباً تجارية واسعة النطاق، بدءاً بالجارتين كندا والمكسيك وكذلك الصين، ولم تكن هذه الحرب التجارية التي تقوم على رفع التعريفات الجمركية على الواردات القادمة إلى الولايات المتحدة محددة المعالم أو الوقت أو حتى مقدار الزيادة، حيث قرر الرئيس ترمب هذا الأسبوع مضاعفة التعريفات الجمركية المفروضة على كندا بنسبة 100%، حيث تم فرض زيادة بنسبة 25% قبل شهر ثم رفعها إلى 50% التي دخلت حيز التنفيذ -حسب ترمب- بالأمس 12 مارس. الحرب التجارية لها آثارها السلبية في حركة التجارة العالمية وبالتالي سيكون لذلك انعكاس كبير على أرباح الشركات سواء الأمريكية أو خارجها. تداعيات هذه الحرب انعكست بشكل سلبي على أداء الأسواق الأمريكية وغيرها من الأسواق.
وفي أثناء خشية الأسواق من شبح الركود الذي قد تخلفه هذه الحرب التجارية، ورغم التراجعات الحادة التي تمر بها الأسواق الأمريكية، فإن الرئيس ترمب الذي عادة ما كان يدعم الأسواق بتصريحاته قد تهرب الأحد الماضي من الإجابة خلال مقابلة له عبر قناة فوكس نيوز، حيث لم يستبعد الرئيس دونالد ترمب إمكانية حدوث ركود في حديثه على القناة، قائلاً: "هناك فترة انتقالية، لأن ما نقوم به كبير جدًا"، مضيفًا: "ما يجب أن أفعله هو بناء دولة قوية، لا يمكنك الانشغال بتحركات سوق الأسهم"، ما أثار الذعر لدى المستثمرين وتعميق الخسائر منذ افتتاح الأسواق يوم الإثنين الماضي.
هناك بعض الكلمات التي لا تريد الأسواق سماعها أبدًا، الركود على رأس تلك القائمة، كان المستثمرون بالفعل مترددين بشأن صحة الاقتصاد، في حين أدت موجة التعريفات الجمركية إلى كثير من عدم اليقين بشأن هذه الرسوم، لم يكن مزيد من الحديث عن الركود الرسالة المطمئنة التي كانت وول ستريت تأملها من الرئيس ترمب، فهل تخلًى ترمب عن دعمه للأسواق أم أنه يرى أن الوقت لم يحن بعد للحاجة إلى دعم أو تشجيع السوق؟
كما حذر وزير الخزانة أواخر الأسبوع الماضي من أن الولايات المتحدة ستضطر إلى تحمل "فترة إزالة السموم" من الإنفاق الحكومي، لكن السوق لا تشعر بالتفاؤل حيال ذلك، فضلا عن تحذير الفيدرالي في أتلانتا من احتمال انكماش الاقتصاد، فبينما يتحدث صناع السياسات في واشنطن عن "اضطرابات صغيرة"، فإن هذه الاضطرابات لها تأثيرات كبيرة في الأسواق والاقتصاد".
يوم الإثنين الماضي عند افتتاح السوق انخفض مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.7%، مسجلاً أسوأ خسارة له هذا العام، بينما انخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 4%، وهو أسوأ خسارة له منذ سبتمبر 2022، وانخفض متوسط داو جونز الصناعي 2.1%، وفي المجمل أغلق مؤشر "داو جونز" الصناعي، الإثنين، منخفضًا بنحو 8.5% عن مستواه القياسي، فيما تراجع "إس آند بي 500" بنحو 10% من قمته، كما عمّق "ناسداك" المركب خسائره في منطقة التصحيح منخفضًا بأكثر من 14% عن أعلى مستوياته.
ويُظهِر عدم حدوث ارتدادات معتبرة على الأقل بعد عمليات البيع الأخيرة أن المستثمرين الآن يفضلون الانتظار والترقب في أفضل الأحوال، والتشاؤم في أسوئها.