استخدام "إدارة المشاريع" في تطوير منتجات وخدمات جديدة (1)

[email protected]

تميل الشركات التي تعمل في مجال تطوير خدمات ومنتجات جديدة عادة إلى الاعتقاد بأن استراتيجية إدارة المشاريع ليست الأسلوب المناسب للتعامل مع مبادراتها، حيث ترى أنه يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية عندما يكون حجم العمل مفهوماً ومحدداً بشكل جيد ويمكن تقسيمه إلى فئات من النشاطات. وهذا ما يفسر لنا سبب بروز نجم "إدارة المشاريع" عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الإنشائية والنفط والغاز والطاقة والسفن وغيرها. وحجة تلك الشركات في ذلك تتلخص في أن مثل هذه الاحتياجات لا تمت بصلة إلى مبادرات تطوير الخدمات والمنتجات الجديدة، باعتبار أن غالبية هذه المشاريع لديها تصور شبه كامل لما سينتج عنها من خدمات أو منتجات، أي بمعنى أن المشاريع التي ستنتج عنها منتجات وخدمات جديدة تحتاج إلى الأسلوب المعاكس لأسلوب إدارة المشاريع.
قد يكون هناك الكثير من الحقيقة في هذا الاعتقاد، بيد أن إدارة المشاريع هي علم مرن قائم على التجربة ويمكن تعديله بما يلبي مختلف الاحتياجات الخاصة. فبدلاً من أن نبدأ بتطبيق أسلوب "هيكل تقسيم العمل" لتصنيف حجم العمل في باقات وفئات من النشاطات، يمكن استخدام هذا الأسلوب لهيكلة المنتج، فيتم تحديد المنتج أو الخدمة المنشودة ومن ثم تحديد المنتجات الفرعية المطلوبة للوصول إلى المنتج النهائي.
وتتمثل أول خطوة لتطوير "هيكل تقسيم المنتج" في تسمية فريق التطوير الذي سيقوم بإعداد وصف مفصل ودقيق للمنتج. فإذا افترضنا أن مصنعاً يرغب في تطوير معجون أسنان جديد على سبيل المثال، فإن المهمة الأولى لفريق العمل هي تقديم وصف لهذا المنتج يتضمن معلومات وتفاصيل عن الغرض من تطويره، ومكوناته، والزمن الذي سيستغرقه للوصول إلى الأسواق، إضافة إلى شروط الجودة التي يجب أن يستوفيها، وحجم الاستثمار، وغيرها من المعلومات الحيوية.
أما الخطوة التالية فتتلخص في قيام فريق تطوير المنتج بتحديد وتحليل المنتجات الفرعية الضرورية للوصول إلى المنتج أو الخدمة النهائية. ورغم أن هناك أساليب عديدة لإجراء هذا التحليل، غير أن أهم أسلوبين هما "العصف الذهني"، و"التخطيط الذهني". وباستخدام هذين الأسلوبين، سيتمكن الفريق من إنتاج قائمة بجميع المنتجات الفرعية الممكنة. فبالنسبة لتطوير معجون أسنان، قد يقوم الفريق بتحديد المكونات المختلفة التي يمكن أن تشمل نكهة المعجون، والأنبوب، والتغليف، والحملة التسويقية، والالتزام بالقوانين الصحية، وغيرها. وبالطبع، باستطاعة الفريق تقسيم المكونات إلى فئات أكثر تفصيلاً. فمثلاً يمكن تحليل الحملة الإعلانية إلى إعلانات صحفية وتلفزيونية ولوحات إعلانية خارجية، وكذلك تفكيك هذه المكونات إلى عناصر تفصيلية أخرى. وهنا يجب على فريق المشروع تحديد هدف وتركيبة كل مكون على حدة، وكذلك تحديد متطلبات الجودة ومعايير القبول، والجهة المسؤولة عنه وغيرها من المعلومات الضرورية.
وسوف تستخدم هذه الهيكلية بعد ذلك لتصنيف المنتجات الفرعية في فئات مختلفة على أن تتضمن كل فئة المنتجات الفرعية التي يطورها كل قسم في الشركة المعنية، وكذلك أو المنتجات التي يتم تعهيدها إلى جهات أخرى. كما ستستخدم هذه الهيكلية لترتيب المنتجات الفرعية ضمن كل فئة بطريقة هرمية تظهر علاقة كل منها بالآخر بأسلوب يشبه علاقة الأطفال المنضوين تحت جناح والديهما. وعليه فإن الإعلانات الصحفية والتلفزيونية واللوحات الخارجية، على سبيل المثال، ستنضوي تحت جناح الحملة التسويقية.
وفي ضوء ذلك، فإن هيكلة المنتج ستتيح لفريق المشروع فهم دور كل منتج فرعي في عملية تطوير المنتج أو الخدمة النهائية بشكل عام، فضلاً عن تزويده بصورة واضحة عن تأثير كل مكون في المنتج ككل. ويضاف إلى ذلك أن أسلوب "هيكل تقسيم المنتج" يعزز التعاون والتواصل بين أفراد الفريق الواحد، وكذلك بين فريق العمل والأطراف المعنية الأخرى بشكل أو بآخر بمبادرة تطوير الخدمة أو المنتج الجديد.

* الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "سي إم سي إس"

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي