العلاقة بين الأطراف ذات العلاقة
تدار الشركات المساهمة على ثلاثة مستويات. المستوى الأول الموظفون الذين يعملون ويجتهدون ومن ثم يتسلمون رواتب في آخر الشهر. المستوى الثاني أعضاء مجالس الإدارات الذين يجتمعون ويتناقشون ومن ثم يتسلمون مكافآت في أخر السنة. المستوى الثالث المساهمون الذين يستثمرون وينتظرون ومن ثم يتسلمون "أشياء" آخر العام! هذه "الأشياء" ممكن أن تكون أرباحا أو أن تكون خسائر أو أن تكون قرارا باستخدام السيولة المتوافرة في شركتهم لشراء شركة لشخص ذي علاقة!! هناك في الحقيقة مستوى رابع وهو المسيطرون وهم مجموعة مساهمين يستطيعون الـتأثير في قرارات الشركة.
الأزمة المالية خانقة والسيولة لم تعد متوافرة والكساد أكل رؤوس الأموال وحلّى بأذنابها! والفترة الأخيرة شهدت استحواذات كثيرة لشركات مساهمة على شركات ذات علاقة. إذن السؤال المهم: لماذا في هذا الوقت وفي هذا الوقت بالذات تظهر كثيرا على السطح هذه الاستحواذات وهل لا يوجد في البلد إلا هذا الولد!؟
هناك ثلاثة احتمالات للإجابة عن هذا السؤال:
الاحتمال الأول: أن الأزمة وفرت كثيرا من الفرص ومن واجب مجالس إدارات الشركات استغلالها لتعظيم المنفعة للمساهمين. ولكن لدى أي استحواذ تبرز مشكلة تقليدية يطلق عليها المعرفة غير المتماثلة (asymmetric information) والمقصود ببساطة أن البائع يعرف معلومات عن السلعة أكثر من المشتري لأن البائع هو صاحبها. وحتى لا تستحوذ الشركة المساهمة على شركة لا تعرف عنها شيئا (كما حصل في استحواذاتنا في الخارج!)، يقوم المؤثرون في صناعة القرار للشركة المساهمة بالاستحواذ على شركة ذات علاقة يعرفون عنها كثيرا. طبعا هناك أعذار أخرى كلها تدور في الفلك نفسه.
الاحتمال الثاني: أن صاحب العلاقة بحاجة إلى سيولة والشركة المساهمة لديها هذه السيولة وبما أن هذه السيولة يجب أن تستغل في التوسع والنمو كالاستحواذات مثلا فالمثل يقول (جحا أولى بلحم ثوره). طبعا هذه الإجابة تغفل أنه بالإمكان توزيع السيولة على شكل أرباح موزعة للمساهمين أو إبقاؤها لحين الحصول على فرص أفضل.
الاحتمال الثالث: أن صاحب العلاقة يريد التخلص من بعض شركاته فيبيعها على الشركة المساهمة، فالشركة المساهمة - ما شاء الله – كبيرة وتتحمل! لمعرفة أي من الاحتمالات صحيحا يجب دراسة كل حالة على حدة
نظام الشركات ولائحة الاندماج والاستحواذ أقرا شروطا وإجراءات كثيرة لكنها لا تعطي ضمانا مؤكدا بعدم وجود تضارب مصالح يؤدي لطغيان مصلحة على مصلحة. حضور المساهمين بكثافة اكبر للجمعيات العمومية سيساعد على وضع مصلحة الشركة المساهمة في المقام الأول. وجود عدد أكبر من المستثمرين المؤسساتيين كالصناديق الاستثمارية سيساعد بلا شك في حل المشكلة على المدى الطويل.