اكتشف طريقا أقصر للكنز

هناك مشكلة في الحياة العصرية، وأنا لا أقصد ذلك التقدم الهائل الذي حدث في مجال العلوم والتكنولوجيا والذي منحنا الفرصة لتحسين مستوى الصحة ومكافحة الأمراض وسهولة التنقل والاستمتاع بوسائل الراحة عن الأجيال السابقة، لكن المشكلة تكمن في الطريقة التي ينظم معظمنا حياته الشخصية والاجتماعية بها، فبدلا من أن نعمل لكي نعيش أصبحنا نعيش لنعمل، ونزيد من حجم القلق في ممارساتنا بغية تحقيق الأمان الذي يبتعد أكثر رغم شدة كفاحنا، ويسبب ذلك النمط المحموم للحياة الفقر في علاقاتنا الشخصية وتوتر صحتنا النفسية لتسلط العمل على ما سواه من الاهتمامات.
ولكن ماذا لو أخبرك أحدهم بوجود وسيلة تمكنك من الحصول دوما على أفضل ما تقدمه الحياة مع توفير الجهد والنفقات، هل سيثير ذلك اهتمامك؟
بإمكاني الثناء على الطريقة 80/20 وأن أؤكد فاعليتها بلا تردد، ذلك لأنها ليست من اختراعي، بل هي قائمة على قانون علمي يسمى "قاعدة باريتو" تم إثبات جدارته في مجال الأعمال والاقتصاد. وتقر تلك القاعدة أن نحو 80 في المائة من النتائج يترجع إلى نحو 20 في المائة من مجمل الأسباب أو الجهد المبذول. وتعزز القاعدة قانون التركيز الذي يؤكد فكرة أنه "من القليل يأتي الكثير" وقانون التطوير المستمر القائل إنه "يمكن تحقيق الكثير ببذل القليل المستمر"، وبينما تم استخدام هذه القاعدة في مجال الأعمال والاقتصاد بنجاح وتسببت في إحداث تطوير هائل في العصر الحديث إلا أنه لم يتم تطبيقها حتى الآن على الجوانب الشخصية في حياتنا، وسيتيح لنا ذلك مزيدا من التوازن بين جوانب حياتنا مع تقليل حجم العمل وزيادة معدل الفاعلية الشخصية.
أعد التفكير في ممارساتك اليومية وفي مهاراتك وعلاقاتك واستخدم عنصري التركيز والتطوير لصياغة قراراتك، وركز على مقصدك من قاعدة 80/20 والمقصد هنا هو ما ترغب في الوصول إليه والوضع الذي تريد تحقيقه، فعند توجيه اهتمامك نحو سؤال ما، يبدأ اللاوعي في المتابعة حتى يقدم لك الإجابة الأفضل، فكن دقيقا في تحديد أسئلتك: ما أهم نقاط قوتك؟ ما الخبرات الأهم التي تدعم نموك الشخصي؟ من هم الأشخاص الذين يفيدك الارتباط بهم؟ ما هي العادات التي يلزمك ممارساتها لتطوير نجاحك وما الممارسات التي تستزف طاقاتك؟ ما الأوقات والمناسبات التي يلزمك الحرص على استثمارها؟ وباستخدامك قانون 80/20 القائل إن "التركيز على القليل ينتج الكثير" ستتمكن من التفكير بإمعان فيما يخصك شخصيا لتحقيق الأفضل بالنسبة لك وتنحية الاهتمامات والعلاقات الهامشية وتحديد الأهداف الخاصة التي تتعلق بالغايات الفاعلة بشكل أكبر.
يمكنك البدء بتطبيق ذلك القانون من خلال طرح تلك الأسئلة على نفسك:
- ما الأهداف التي سأضع لها الأولوية لتحقيق نجاح أفضل في حياتي؟
- ما أقوى مميزاتي الشخصية التي يلزمني استثمارها بذكاء؟
- ما القيم الأهم التي يجدر بي التركيز عليها بمنتهى الثقة دون الشعور بالقلق تجاه البقية؟
- ما الأشياء ومَن هم الأشخاص الذين سأتجنب تبديد طاقاتي فيهم؟
ركز على أحسن ما لديك حتى تتمكن من خلال القليل الوصول إلى الكثير، فعند اكتشافك وتحديدك النقاط الأكثر صدقا في حياتك وتبدأ بالعمل على الاستفادة منها وتطويرها بشكل هادئ، ستجد نفسك أكثر تفردا وأعلى شأنا وستتمتع بمزيد من التوازن والشعور بالرضا عن حياتك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي