منهج لـ "حقوق الإنسان" يا وزارة التربية

مما يدمي القلب وينقل صورة سلبية عن المملكة ومجتمعها أن نقرأ ونشاهد بين فترة وأخرى في وسائل الإعلام قصص حالات العنف الأسري التي وصلت إلى درجة قتل الآباء والأمهات أطفالهم بدعوى تربيتهم, فمن ضحية في نجران إلى أخرى في عسير إلى غيرها في الطائف والقصيم باتت الصورة قاتمة وبحاجة إلى وقفة لعلاج الظاهرة نفسها لا علاج تبعاتها, فلا تكفي معاقبة المتسببين في تلك الجرائم والتشهير بهم لتجاوز الإشكالية.. بل يجب أن نهتم بالوقوف على مسببات الظاهرة والنقطة التي تنطلق منها عملية العنف الأسري لوأدها قبل تطورها. وعادة لا تصل الأمور إلى درجة القتل أو الإصابات البليغة إلا بعد تدرج منطقي.. أي أن ضحية العنف الأسري لا تنتقل إلى أقسام العناية المركزة أو حتى إلى الآخرة, إلا بعد أن تضرب وتعذب طوال فترة زمنية تصل في غالب الحالات إلى سنوات، وهذا يعني أنه كان من الممكن إيقاف الجريمة لو تم التنبه لها مبكراً.

كما أنه من المهم أن نتساءل هنا عن كيفية معرفة الجهات المسؤولة عن وجود أي حالة عنف أسري إذا كانت الضحية نفسها لا تعرف حقوقها ولا تعلم إلى أي جهة تتوجه وأي خطوة تتخذ.
إن هذا الوضع يا سادة يا كرام يستلزم أن نعمل على تثقيف الفئات التي من المتوقع أن تتعرض للعنف وعلى رأسها الأطفال في المدارس، ما يعني أننا بحاجة إلى تدريس منهج تثقيفي خاص بحقوق الإنسان في مدارسنا بمراحلها المختلفة ليتعرف الطفل على حقوقه والخطوات التي يجب عليه أن يتخذها في حال تعرضه للعنف.
وكما أقرت وزارة التربية والتعليم قبل سنوات منهجاً للتربية الوطنية رغم كل الملاحظات عليه والمتعلقة بعدم قدرته على إيصال الرسالة بشكل واضح بات من الواجب أن يكون هناك منهج لحقوق الإنسان يتوافق مع نهج وسياسة السعودية في هذا الجانب.
إن المجتمع السعودي اليوم في ظل قيادته الحكيمة ونهجها الإصلاحي يشهد نقلة تاريخية في جميع الجوانب ولابد من أن تتواكب رؤى وتوجهات واستراتيجيات جميع الوزارات والقطاعات الحكومية المختلفة مع سرعة هذه النقلة, فلم يعد هنا مجال للتراخي في عصر بتنا فيه نسابق الزمن لنقف في مصاف الدول المتقدمة في هذا العالم.
إنني أحلم باليوم الذي يعود فيه ابني من مدرسته الابتدائية ليحدثني عن حقوقه الإنسانية التي تعرف عليها ولم يعد لديه الاستعداد للتنازل عنها, تلك الحقوق التي يكفلها له وطنه ويدافع عنها.. لا أن يعود من المدرسة ليخبرني بأن معلمه اعتدى عليه بالضرب منهكاً إنسانيته بسبب نسيانه حل الواجب!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي