موناليزا التصوير!
لم يكن الكوبي البرتو كوردا على علم بما ستتركه الصورة التي التقطها للثائر تشي جيفارا في عام 1960 من أثر كبير على الثقافة الشعبية للعالم أجمع!
مصوّر الأزياء ذو الحسّ الفنّي العالي التقى بالزعيم الكوبي كاسترو ورافقه كمصوّر ضمن خطة الأول في نقل أحداث الحياة اليومية للصحافة.
حيث كان التحوّل الكبير في حياته عندما التقط الصورة " لا نينيا – الصغيرة" لطفلة كوبية فقيرة تحتضن قطعة من الخشب هي دميتها والشيء الوحيد الذي تمتلكه في الحياة وحينها فقط علم أنّه سيترك عالم تصوير الأزياء وسيوجه طاقته الفنيّة لهدف أسمى.
والتقى البرتو بتشي ليلتقط الصور له إلا أنّه اشترط عليه العمل في حقول قصب السكّر لأسبوع كامل قبل أن يتمكن من ذلك.
من ثمّ توالت أعماله التي قدّمت في صحيفة "الثورة" حتّى التقط الصورة التاريخية لجيفارا خلال حشد جنازة ضخم، ولم تنتشر بصورة واسعة إلا في عام 1968م عندما قدمها للناشر الإيطالي فلتريني وحوّلها لملصق ضخم حمله المتظاهرون من باريس وحتّى فيتنام.
ساعد على انتشار هذه الصورة غياب الحقوق الفكرية التي كانت ستجبر كل من يستخدمها على الرجوع للمصوّر الذي التقطها، واستسلم لهذا الأمر مع شعور كبير بالفخر والعاطفة تجاه العمل الذي قدّمه.
صورة كوردا تطبع اليوم ملايين النسخ خارج كوبا وداخلها، وتستخدم للإعلان والفنون من المشروبات الغازية والتبغ وحتى جوارب الأطفال وساعات اليدّ.
و الكثير من الناس يجهلون حقيقة هذا الوجه الذي يرتدونه، البعض يعتقد أن تشي جيفارا مغنّي راب والآخر يعتقد بأنّه زعيم عصابة مافيوية.
هذا الفصل الذي تمّ بين الشخص وصورته أثار امتعاض ورثة كوردا بعد وفاته ودفعهم للمطالبة بوقف الاستخدام غير المنطقي لتشي جيفارا.
فالصورة كما تسوّق لأفكاره وتوجهاته ومنجزاته تسوّق للكحول والتبغ والممنوعات وهو أمر كان سيثير حنق كوردا لكنّه على كلّ حال فشل في استرجاع حقوقه حتى توفي في عام 2001م.