ما أسوأ سيناريو لزلازل العيص؟!
منذ أسابيع وأنا أتابع بقلق كبير أخبار الزلازل التي تضرب منطقة المدينة المنورة وما حولها انطلاقاً من قرى العيص, فبالرغم من كونها ظاهرة طبيعية تعود لكون المنطقة منطقة زلازل وبراكين منذ أن حدث الصدع الكبير في البحر الأحمر قبل 30 مليون سنة, إلا أن القلق يزداد يوماً بعد آخر مع تزايد قوة الهزات لعدم اتضاح الرؤية بشكل كامل ولعدم وجود إجابة واضحة عما ستنتهي به هذه الهزات المتتالية, فاستناداً إلى التاريخ يذكرعلي حافظ في (فصول من تاريخ المدينة المنورة) أن من أهم أحداث المدينة المنورة سنة 654هـ ثورة البركان الذي ثار في الحرة الشرقية, وقد كان ثورانه عنيفاً بعد أن سبقه زلزال تردد في يوم واحد 18 مرة واهتزت له المنابر وسمع لسقف المسجد صرير عظيم.
وعن الحادثة قال القرطبي: "وقد خرجت نار بالحجاز بالمدينة الشريفة وكان بدؤها زلزلة عظيمة ليلة الأربعاء ثالث جمادى الأولى سنة 654هـ واستمرت إلى ضحى يوم الجمعة فسكنت وظهرت النار ... وكانت لا تمر على جبل إلا دكته وأذابته ويخرج من مجموع ذلك مثل النهر أحمر وأزرق وله دوي كدوي الرعد يأخذ الصخور بين يديه واجتمع من ذلك ردم صار كالجبل العظيم فانتهت النار إلى قرب المدينة المنورة وقد شوهد لهذه النار غليان كغليان البحر".
ويروي ابن كثير عن قاضي المدينة المنورة، أن الحمم الناتجة عن البركان كانت تسيل في الوديان وتأكل الصخر من شدتها وحرارتها، وقد تحركت هذه النيران باتجاه المدينة، حتى اقتربت منها, ثم أخذت تتحول شرقا فشرقا وتبتعد.
طبعاً لا يوجد من يتمنى أن يتكرر ذلك السيناريو اليوم لكننا بحاجة ماسة إلى سماع التوقعات الصحيحة التي ستنتهي إليها الهزات الحالية, فمنذ بدايتها والتطمينات تتتالى بينما تزداد قوة الهزات يوماً بعد يوم حتى سجلت الهزة الأخيرة درجة 5.4 على مقياس ريختر وهي الأعلى على مستوى الهزات التي ضربت المنطقة منذ بدء النشاط الزلزالي بالمنطقة.
وكنت قد اطلعت على لقاء أجرته صحيفة الشرق الأوسط أخيرا مع الدكتور زهير عبد الحفيظ نواب، رئيس هيئة المساحة الجيولوجية أكد فيه أن قطاعه سيبث تنبيها متى ما تطلب الأمر ذلك، وأن المساحة الجيولوجية لن تخفي شيئا، ولا يمكن أن تسكت على شيء فيه ضرر على المواطنين وممتلكاتهم, لكنه عاد وختم لقاءه بقوله: "إن إجراءات الدفاع المدني احتياطية ولا توجد أي تحذيرات أو أي إنذار بوقوع أي زلزال أو بركان" .. قال هذا قبل أكثر من 10 أيام ولا أعلم ما الذي يمكن أن يحدث بعد 10 أيام أخرى؟!
إنني أعتقد أن أهالي المنطقة الذين تهتز الأرض من تحتهم اليوم ليسوا بحاجة إلى التطمينات بل هم بحاجة ماسة إلى معرفة أسوأ سيناريو يمكن أن يحدث.. فإن حدث ذلك السيناريو نكون قد حميناهم وحمينا ممتلكاتهم بإطلاعهم عليه وتحذيرهم منه, وإن لم يحدث فلن نخسر شئا.
أسأل الله أن يحمي أهلنا في منطقة المدينة المنورة وما حولها من كل مكروه.