نهج أوباما للسلام
جاء الاهتمام بالملف الفلسطيني كما تصور الإدارة الأمريكية على أن قضية الشرق الأوسط هي المحور الحقيقي لكل إشكاليات وقضايا المنطقة الأخرى؛ وأن حلها على حد قول جورج ميتشل "مصلحة قومية أمريكية". بهذا فإن التطورات (حتى الآن على أقل تقدير) توحي بأن إدارة أوباما عازمة على أن يكون هناك تقدم ملموس في مسار عمليات السلام، وأن هذا الملف يستحوذ على أولوياتها رغم الأهمية الملموسة للملفات الأخرى. ولعل الأيام المقبلة تكشف لنا المزيد؛ خصوصاً عندما يأتي أوباما ـ بنفسه- إلى المنطقة؛ ويلقي خطابه المرتقب.
لكن يجب أن لا يفوت علينا أن أصل نهج أوباما ـ في هذا الصدد- قد طرح من خلال برنامجه الانتخابي والذي تجلى كما أسلفنا (في مقالات سابقة) على بعدين أحدهما سلبي والآخر إيجابي. وكما يبدو أن خطة أوباما للسلام في الشرق الأوسط ستأتي بالبعدين الإيجابي والسلبي كرزمة كاملة Package لإطراف النزاع.
فمن ناحية سارعت الإدارة الجديدة في تفعيل خطط السلام؛ وما الإسراع في تعيين جورج ميتشل وتكرار زياراته وزيارات المسؤولين الأمريكيين - بما فيهم الرئيس أوباما- إلى المنطقة إلا تدليلاً على هذا النهج. إلى جانب هذا ركزت إدارة أوباما -إيجابياً- في طرحها على حل الدولتين وضرورة تجميد المستوطنات كأساس لا مناص منه لتحقيق السلام الكامل والشامل في المنطقة. وبهذا يأتي الضغط الأمريكي على الحكومة الإسرائيلية؛ وما ملامح لقاء أوباما- نتنياهو خلال الأسبوع الماضي إلا تدليل على ذلك. لكن الملاحظ أن اللقاء نفسه قد كشف أن الجزء السلبي لـ Package الأمريكي في طريقه - كذلك- للتطبيق. وهذا الجزء (السلبي بالنسبة لنا) مشتق ـ كذلك بدوره- من البرنامج الانتخابي الذي أتى فيه تعهد أوباما بضمان "أمن إسرائيل وتفوقها العسكري والنوعي في الشرق الأوسط"، ودعمها مالياً كما هي العادة بالنسبة للإدارات الأمريكية السابقة، وكذلك الوعد باستخدام حق النقض Veto في مجلس الأمن كلما اقتضى الأمر.
وخلاصة القول إن الإدارة الأمريكية الجديدة عازمة على تفعيل عمليات السلام في الشرق الأوسط ـ باعتبار ذلك السلام مطلبا لتحقيق التقدم الملموس في جميع الملفات والقضايا الأخرى- ولو تطلب الأمر الضغط في كل الاتجاهات. ودون شك أن تفعيل محتوى هذا الـ package سيكون له اعتبارات حلوة ومرة بالنسبة لكل طرف من أطراف النزاع.