لا تدع الزواحف تنمو في عقلك
إن مَن لا يغيّر آراءه مثله مثل الماء الراكد يسمح للزواحف أن تنمو في عقله، ومَن لا يغيّر أساليب تواصله سيجد نفسه في المستنقع الخطر نفسه، فالحياة ليست ثابتة وأولئك الذين لا يستطيعون تغيير عقولهم هم فقط سكان المقابر والمجانين.
حينما تتعامل مع الآخرين، فإنه لا بد من وجود كم من المحاولة والخطأ، فلا يمكنك توجيه سلوك الآخرين بالسرعة نفسها والثقة والفاعلية التي تتحكم بها في سلوكك ونتائجك، إلا إذا تعلمت كيف تعجل من نتائج هذه العملية، عن طريق إيجاد مزيد من سبل التواصل وتفهم الخرائط الذهنية المختلفة التي تفصل بين أنماط الناس والبرامج العقلية المتعددة التي تدير مواقفهم. ويكمن المفتاح السحري خلف جميع تلك المهارات في كلمة واحدة اسمها: المرونة.
ويمكننا أن نتفق جميعا على أنه في أي نظام كان فالآلة التي فيها أكبر عدد من الاختيارات أي ذات المرونة الأكبر هي التي تحرز النجاح الأكبر، وينطبق الشيء نفسه على البشر، فمفتاح الحياة هو أن تفتح أكبر عدد ممكن من الطرق وأن تطرق كل الأبواب، وأن تستخدم كل الأساليب التي من شأنها حل المشكلة، أما إذا سرت على برنامج واحد، وعملت باستراتيجية واحدة فإن كفاءتك لن تختلف عن كفاءة السيارة التي تسير بسرعة واحدة.
وغالبا لا تأتي المرونة من تلقاء نفسها، فالكثيرون يفعلون الأشياء نفسها ويكررونها بصورة مملة، والبعض منا يثقون بصحة موقفهم تجاه شيء ما ويفترضون أن مجرد التكرار كاف للنجاح، ويعود السبب في ذلك لتوليفة من حب السكون والاعتداد الزائف بالذات، فكثيرا ما يكون أسهل شيء هو أن تفعل بالضبط ما فعلته سابقا، لكن الأسهل هو غالبا أسوأ اختيار للنمو الشخصي.
إن امتلاك شيفرة النجاح الشخصي هو في اكتساب المرونة، فإذا كنت تجد صعوبة في حل لغز ما فلن يجدي أن تجرب الحل نفسه عدة مرات، بل ستتوصل له إذا وجدت لديك مرونة كافية للتغيير والتكيف وتجريب الأشياء الجديدة، وكلما زادت مرونتك زادت الخيارات التي تبدعها والأبواب التي يمكن أن تنفتح وزاد نجاحك.
إن معظمنا يفكر في تسوية الخلافات على أنها شيء يشبه لعبة الملاكمة بالكلمات ويتعامل بلغة المكسب والخسارة، وإننا على حق والآخر على باطل، ومَن لا يوافقني الرأي فهو خصمي، ويبدو أحد الجانبين كما لو أنه يحتكر الحقيقة وحده بينما يتخبط الآخر في ظلام دامس، لكننا سنفاجأ بأننا نحصل على ما نريد بسرعة أكبر عندما نجد إطارا للاتفاق وليس للاختلاف، ولهذا فإن أفضل البائعين والمتفاوضين والمتحدثين يعلمون أنه من الصعب جدا الحصول على موافقة شخص لعمل شيء لا يريد عمله، لكنه من السهل جدا إقناعه إذا تم إيجاد إطار اتفاق مشترك ثم قيادته بصورة طبيعية وليس من خلال العراك، لأن السبيل إلى التواصل الفاعل هو تشكيل الأشياء، حيث يفعل الشخص ما يريده لا ما تريده أن يفعله، فمن الصعب جدا التغلب على المقاومة ومن السهل تجنبها بالاستفادة من الاتفاق والألفة.
تذكر دائما لا يوجد شيء اسمه مقاومة، وإن ما يوجد هو متواصلون غير مرنين يندفعون في الوقت الخطأ والاتجاه الخطأ وبالأسلوب الخطأ، لكن المتواصل المتميز لا يعارض آراء الآخرين، بل يتمتع بمرونة وسعة حيلة، ويجد نقاط اتفاق يتمسك بها ثم يعيد توجيه التواصل بالطريقة التي يرغبها.