دلالات ومعاني وتأثير رمز عملة الريال السعودي
اعتمد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود– نهاية الأسبوع الماضي، رمز عملة الريال السعودي، والرمز يحمل اسم "ريال"، وسيستخدم في التعبير عن الريال السعودي في جميع التعاملات المالية والتجارية.
لكن قبل المضي قدما في شرح رمز العملة وأهميته، لا بد أولا من الإشارة إلى أن رمز العملة Symbol يختلف عن ترميزها العالمي Codes وفق المواصفة الدولية الخاصة برموز الأموال والمعادن الثمينة (ISO 4217: Codes for the representation of currencies)، والتي وضعت قائمة تتضمن عملات كافة دول العالم بحيث يكون لكل عملة وطنية رمزًا أبجديًا مكونًا من 3 أحرف (ألفا-3)، بأحرف كبيرة من الأبجدية الرومانية المكونة من 26 حرفًا، يمثل الحرفان الأولان من رمز العملة (رمز ألفا-2) رمز الدولة وفقا للمواصفة القياسية (ISO 3166-1) والحرف الثالث من الرمز الأبجدي مشتق من اسم العملة الرئيسية.
فالمعيار يضع رموزًا معترفًا بها دوليًا لتمثيل العملات التي تمكن تحديد ماهية العملة المقصودة في العلاقات والعقود، والتبادلات والتحويلات والمراسلات التجارية وفي الدراسات أيضا، ما يقلل من الأخطاء. ووفقا للمعيار نجد أن الدولار الأمريكي يظهر دوما برمزUSD فهو مكون من الحرفين US حسب المواصفة القياسيةISO 3166 والحرف D للدولار، والريال السعودي يظهر في المواصفات القياسية بالرمز SAR، مكون من الحرفين SA ورمز الريال R. لكن كما نلاحظ في قائمة المعيار 4217، فإن لكل عملة في القائمة شعار Symbol، أو أيقونة، أشهر تلك الأيقونات التي تعزف بالعملات هي أيقونة الدولار $، وكذلك أيقونة اليورو € وأيقونة ¥ للين الياباني، لكن لو تتبعت الريال السعودي تجده يكتب ر.س هكذا، وهو رمز لا يعكس أي معنى للعملة، كما أنه قد يصعب تفسيره عند العودة لعقود العلاقات.
الرموز الأيقونية للعملات مثل $ تحمل كثيرا من العمق الثقافي و الهوية الاقتصادية للدول، وكثيرا ما يقال عن رمز الدولار إنه إشارة للقوة، ويحمل الجنيه الإسترليني إشارات تاريخية لا يمكن تجاهلها فقد تلاحظ مثلا أن رمز عملة الدولار هو $ بينما كان متوقعا أن يكون مشتقا أو له علاقة بحرف D مثل العملة اليابانية الين (¥) لكن لذلك دلالات تاريخية عن حقبة الاستعمار في الولايات المتحدة.
فرموز العملات تصنع هوية تاريخية وعلامة تجارية ورسائل قوية للاستقرار، ما يعزز التجارة الدولية، ويعزز استخدام العملة كعملة عالمية يمكن أن تكون جزءا أساسيا من احتياطي الدول لضرورة تسهيل التعاملات التجارية الدولية، لأن العملة قد حققت قبولا عالميا واسعا. كما أن الرمز القوي والسهل يعزز الاتصال الدقيق وعمليات السوق الفعّالة، لقلة الأخطاء وارتفاع مستويات الشفافية.
وليس من باب المغالاة أن استخدام الرموز له دلالات نفسية في الأسواق، فالرمز الواضح السهل الذي يعزز هوية العملة يتضمن مفاهيم الاستقرار الاقتصادي والوحدة السياسية، وإذا كان قبول أي عملة هو الثقة فإن ارتفاع الثقة في العملة هو مفتاح قوتها الشرائية، وهنا بيت القصيد. فالقوة الشرائية لأي عملة تقاس عادة وفقا نظرية تعادل القوة الشرائية (Purchasing Power Parity PPP)، فالهوية البصرية للعملة تؤثر في الثقة فيها، ما يعزز حضورها العالمي والمحلي، وهذا يعزز من قوتها في القياسات.
الريال اليوم أصبح له رمز (Symbol) يكون دائما يسار القيمة مثلا (100 ) ولا بد من ترك مسافة بين الرمز، القيمة، مع الحفاظ على التناسب الشكلي، ويتضح من الرمز معاني القوة والثقة والتعامل بالمثل، وأيضا صراحة اللغة العربية في الرمز تعتبر، فالسعودية بإطلاق هذا الرمز تؤكد هويتها العربية المستقلة، وهنا يظهر معنى أن تكون السعودية هي الدولة عربية التي لم تستعمر، بل هي إنتاج خالص لأبنائها، ولم يؤثر الاستعمار بأي شكل في ثقافتها وتاريخها الاقتصادي وعمقها العربي، وكما أكد البنك المركزي في الدليل الارشادي للرمز الجديد أن اللغة العربية إحدى جواهر الحضارة الإنسانية والمملكة العربية السعودية هي منبع هذه اللغة، وهي اللغة الرسمية فيها، ولذلك تم رسم رمز الريال السعودي بأسلوب مستوحى من الخط العربي، اعتزازا بهذه الهوية (اللغة العربية)، وهذا هو الجوهر الحقيقي لوجود الرمز واستخداماته.